كناية عن الضّرب بالسيف. وامتسح رأسه : إذا فعل به ذلك. وهذه الباء هاهنا للإلصاق. فكأنه تعالى قال : وألصق السيف بسوقها وأعناقها. كما يقول القائل : مسحت يدى بالمنديل. أي ألصقتها به. وعلى ذلك قول الشاعر (١) :
نمشّ (٢) بأعراف الجياد أكفّنا |
|
إذا نحن قمنا عن شواء مضهّب |
أي نلصق أيدينا بأعرافها ، كما نلصقها بالمناديل التي تمسح بها الأيدى. وقد صرّح بذلك الشاعر الآخر (٣) فقال :
* أعرافهنّ لأيدينا مناديل *
والشاهد الأعظم على ذلك ما ورد فى التنزيل من قوله سبحانه : ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ (٤) على قراءة من قرأ : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ حرّا. أي ألصقوا المسح بهذه المواضع. وهذه الآية يستدل بها أهل العراق على أنّ استيعاب الرأس بالمسح ليس بواجب ، خلافا لقول مالك. وقال لى الشيخ أبو بكر محمد
__________________
(١) هو امرؤ القيس بن حجر الكندي ، أمير شعراء الجاهلية.
(٢) فى الأصل « نمس » بالسين المهملة وهو تحريف من الناسخ ، كما أنه ترك كلمة مضهب بدون نقط على الضاد المعجمة. والبيت من بائية امرئ القيس التي يقول فى مطلعها :
خليلى مرا بي على أم جندب |
|
نقض لبانات الفؤاد المعذب |
انظر « شعراء النصرانية » للأب لويس شيخو اليسوعى. ص ٢٣.
(٣) هو عبدة بن الطبيب الشاعر الجاهلى. والبيت كاملا هو :
ثمت قمنا إلى جرد مسومة |
|
أعرافهن لأيدينا مناديل |
ويقول ابن قتيبة فى « الشعر والشعراء » إنه أخذه من قول امرئ القيس :
نمش بأعراف الجياد أكفنا |
|
إذا نحن قمنا عن شواء مضهب |
(٤) سورة المائدة. الآية رقم ٦.