النوم أكثر من الموت ، والاستيقاظ أكثر من الإحياء بعد الموت. لأن الإنسان الواحد يتكرر عليه النوم واليقظة مرات ، وليس كذلك حال الموت والحياة.
وقوله سبحانه : ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ ، فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ ﴾ [٦٦] . وهذه استعارة. والمراد بالطمس هاهنا : إذهاب نور الأبصار حتى يبطل إدراكها ، تشبيها بطمس حروف الكتاب ، حتى تشكل قراءتها.
وفيه أيضا زيادة معنى ، لأنه يدلّ على محو آثار عيونهم ، مع إذهاب أبصارها ، وكسف أنوارها. وقيل معنى الطّمس إلحام الشقوق التي بين الأجفان حتى تكون مبهمة ، لا شقّ فيها ، ولا شفر لها. يقولون : أعمى مطموس وطميس ، إذا كان كذلك.
وقوله سبحانه : ﴿ وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [٦٨] وقرئ : ننكّسه بالتشديد. وهذه استعارة. والمراد ـ والله أعلم ـ أنّا نعيد الشيخ الكبير إلى حال الطفل الصغير فى الضّعف بعد القوّة ، والتثاقل بعد النهضة ، والإخلاق (١) بعد الجدّة. تشبيها بمن انتكس على رأسه ، فصار أعلاه سفلا ، وأسفله علوا.
وقوله سبحانه : ﴿ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [٧٠] وهذه استعارة. والمراد بالحي هاهنا : الغافل الذي يستيقظ إذا أوقظ ، ويتّعظ إذا وعظ. فسمّى سبحانه المؤمن (٢) الذي ينتفع بالإنذار حيا لنجاته ، وسمّى الكافر الذي لا يصغى إلى الزواجر ميتا لهلكه.
وقوله سبحانه : ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴾ [٧١] وهذه استعارة. والمراد بذكر الأيدى هاهنا قسمان من أقسام اليد فى اللغة
__________________
(١) الإخلاق : كون الشيء خلقا باليا بعد جدته.
(٢) فى الأصل : « للون » وهو تحريف من الناسخ. والتصويب مما يقتضيه السياق والمقابلة بين المؤمن والكافر ، والحي والميت.