ومن السورة التي يذكر فيها
« بنو إسرائيل » (١)
قوله سبحانه ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ، فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ ، وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [١٢] وفى هذه الآية استعارتان إحداهما : قوله سبحانه : ﴿ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ ﴾ . والآية العلامة. والمراد بمحوها ـ والله أعلم ـ على قول بعضهم أي جعلنا ظلمة الليل مشكلة ، لا يفهم معناها ، ولا يعلم فحواها ، لما استأثر الله تعالى بعلمه من المصلحة المستسرّة فى ذلك.
وحقيقة المحو طمس أثر الشيء. من قولهم : محوت الكتاب. إذا طمست سطوره ، حتى يشكل على القارئ ، ويخفى على الرائي (٢) .
وقال قوم : آية الليل القمر خاصّة. ومحوه : تصيير تلك الطمسة فى صفحته ، حتى نقص نوره عن نور الشمس ، لما يعلم الله سبحانه من المصلحة فى ذلك. وآية النهار الشمس. وقال آخرون : بل آيتا الليل والنهار ضوء هذا فى الجملة ، وظلمة هذا فى الجملة. لأن الضوء علامة النهار ، والظلمة علامة الليل ، على ما قدمنا ذكره. والاستعارة الأخرى قوله تعالى : ﴿ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ وفى ذلك وجهان : أحدهما أن يكون المراد أنا
__________________
(١) هى سورة « الإسراء » . وقد سميت من قديم سورة بنى إسرائيل. وقد قال ابن مسعود رضى الله عنه فى بنى إسرائيل ، والكهف ، ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادى. يريد من قديم كسبه. انظر القرطبي ج ١٠ ص ٢٠٣.
(٢) فى الأصل « على الرأى » وهو تحريف من الناسخ.