المخصوص الذي يقع الكلام به. وذلك كما يقول العرب فى القصيدة : هذه لسان فلان. أي قوله. قال شاعرهم :
لسان السّوء تهديها إلينا |
|
و حنت وما حسبتك أن تحينا (١) |
أي مقالة السوء. ومثل ذلك قول الآخر (٢) :
ندمت على لسان كان منى |
|
وددت بأنه فى جوف عكم |
أي على قول سبق منى ، لأن الندم إنما يكون على الفعال والكلام ، لا على الأعضاء والأعيان.
وإنما سمى القول لسانا ، لأنه إنما يكون باللسان ، ويصدر عن اللسان.
وقوله سبحانه : ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [١١٢] وهذه استعارة. لأن حقيقة الذوق إنما تكون فى المطاعم والمشارب ، لا فى الكسى والملابس. وإنما خرج هذا الكلام مخرج الخبر عن العقاب النازل بهم ، والبلاء الشامل لهم. وقد عرف فى لسانهم أن يقولوا لمن عوقب على جريمة ، أو أخذ بجريرة : ذق غبّ فعلك ، واجن ثمرة جهلك. وإن كانت عقوبته ليست مما يحسّ بالطعم ، ويدرك بالذوق. فكأنّه سبحانه لما شملهم بالجوع والخوف على وجه العقوبة حسن أن
__________________
(١) روى هذا البيت هنا على هذه الصورة. وفى « الجامع لأحكام القرآن » للقرطبى جزء ١٠ ص ١٧٩ روى هكذا :
لسان الشر تهديها إلينا |
|
وخنت وما حسبتك أن تخونا |
ولم تذكر كتب الشواهد اسم قائل هذا البيت.
(٢) هو الحطيئة الشاعر كما جاء فى « لسان العرب » مادة : لسن. إلا أنه روى فى اللسان هكذا :
ندمت على لسان فات منى |
|
فليت بأنه فى جوف عكم |
والعكم بكسر العين : العدل الذي توضع فيه الأشياء ( الغرارة ) أو الكارة.