وليس مخرج هذا الكلام من لوط عليهالسلام ، على ما ظنّه من لا معرفة له ، وقدح فيه بأن قال : أ لم يكن يأوى إلى الله سبحانه ؟ فما معنى هذا القول الذي قاله ؟ وذلك أن لوطا على ما ذكرنا إنما أراد الأعوان من قومه ، والأركان المستند إليهم من قبيلته ، وهو يعلم أن له من معونة الله سبحانه أشد الأركان ، وأعز الأعوان ، إلا أن من تمام إزاحة العلة فى التكليف حضور الناصر ، وقرب المعاضد والمرافد.
وقوله سبحانه فى صفة الحجارة المرسلة على قوم لوط : ﴿ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ، وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [٨٣] وهذه استعارة. لأن حقيقة التسويم هى العلامات التي يعلّم بها الفرسان والأفراس فى الحرب ، للتمييز بين الشعارات ، والتفريق بين الجماعات.
قال الله سبحانه : ﴿ يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ (١) وقرئ (٢) ﴿ مُسَوِّمِينَ ﴾ بفتح الواو. وقال الله سبحانه : ﴿ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ﴾ (٣) والمعنى أنه سبحانه لما جعل تلك الحجارة حربا لهم وأعوانا عليهم وصفها بوصف رجال (٤) الحرب وخيولهم ، فكأنها مرسلة من عند الله ، أي من عند ملائكة الله الذين تولّوا الرمي بها ، إرسال الخيول المسوّمة على أعدائها ، وإن لم يكن هناك تسويم على الحقيقة.
وقد قال بعضهم : إن تلك الحجارة كانت على الحقيقة معلّمة بعلامات تدل على أنها أعدت للعذاب ، وأفردت للعقاب. وذلك أملأ للقلوب ، وأعظم فى الصدور.
__________________
(١) فى الأصل « يمددكم بخمسة آلاف ... » بدون ذكر لفظة ربكم وقد أغفلها الناسخ غفر الله له جريا على عادته من الإغفال والإهمال. وهذه هى الآية رقم ١٢٥ من سورة آل عمران.
(٢) مسومين بالفتح هى قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي ونافع أما مسومين بكسر الواو فهى قراءة أبى عمرو وابن كثير وعاصم.
(٣) سورة آل عمران. الآية رقم ١٤.
(٤) فى الأصل « الرجال الحرب » وهو تحريف من الناسخ.