وقوله سبحانه : ﴿ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا ﴾ [٢٤] . وهذه استعارة حسنة ، لأن الزخرف فى كلامهم اسم للزّينة واختلاف الألوان المونقة.
وقوله سبحانه : ﴿ أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا ﴾ [٢٤] . أي لبست زينتها بألوان الأزهار ، وأصابيغ (١) الرياض ، كما يقال : أخذت المرأة قناعها. إذا لبسته. وتقول لها : خذى عليك ثوبك. أي البسيه.
وقوله تعالى : ﴿ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ (٢) أي البسوا ثيابكم.
وقوله سبحانه : ﴿ فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا ﴾ [٢٤] . استعارة أخرى ، لأن الحصيد من صفة النبات ، لا من صفة الأرض. والمعنى : فجعلنا نباتها كذلك. فاكتفى بذكر الأرض من ذكر النبات لأن النبات فيها ، ومنشؤه منها.
وقوله سبحانه : ﴿ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ﴾ [٢٧] . على قراءة من قرأ بتحريك الطاء. وهذه استعارة. لأن الليل على الحقيقة لا يوصف بأن له قطعا متفرقة ، وأجزاء متنصفة. وإنما المراد ـ والله أعلم ـ أن الليل لو كان مما يتبعض وينفصل لأشبه سواد وجوههم أبعاضه وقطعه. ونصب سبحانه ( مظلما ) على أنه حال من الليل. وفيه زيادة معنى. لأن الليل قد سمى ليلا وإن كان مقمرا ، فإنما قال سبحانه : مظلما ، على أن التشبيه إنما وقع به أسود ما يكون جلبابا ، وأبهم أثوابا.
وقوله سبحانه : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [٦٧]
__________________
(١) فى الأصل « وأصابيع » بالعين المهملة. ولعلها كما أثبتناه بالغين المعجمة ، جمعا لأصباغ مثل أزهار وأزاهير. فتكون جمع الجمع لصبغ.
(٢) سورة الأعراف. الآية رقم ٣١.