شُبِّهَ لَهُمْ ﴾ [١٥٧] . فليس التشبيه هاهنا عملا من غيرهم بهم ، وإنما شبهوا هم على أنفسهم ........... (١) كما يقال : أين يذهب بك ؟ والمراد أين تذهب. ونظائر ذلك كثيرة.
وقوله تعالى : ﴿ فَلا تَقْعُدُوا (٢) مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [١٤٠] . وهذه استعارة. والمراد بالخوض هاهنا مناقلة الحديث ، والضرب فى أقطاره ، والتفسّح فى أعطانه ، استثارة لكرائمه ، وبحثا عن غوامضه. تشبيها بخائض الماء ، الذي يثير قراره ، ويسبر غماره (٣) .
وقوله تعالى : ﴿ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ، وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾ [١٥٧] .
وفى هذه الآية استعارتان : إحداهما قوله سبحانه : ﴿ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ﴾ لأن الظن جعل هاهنا بمنزلة الداعي الذي يطاع أمره ، والقائد الذي يتبع أثره ، مبالغة فى صفة الظن بشدة الاستيلاء عليهم وقوة الغلبة على قلوبهم. والاستعارة الأخرى أن يكون قوله تعالى : ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ﴾ راجعا إلى الظن لا إلى المسيح عليهالسلام. فكأنه سبحانه قال : وما قتلوا الظن يقينا : كما يقول القائل : قتلت الخبر علما. ومن أمثالهم : ( قتل أرضا عالمها ) و( قتلت أرض أهلها ) والمراد بقولهم قتلت الخبر علما : أي استقصيت معرفته ، واستخرجت دخيلته (٤) . فلم يفتنى شىء من علمه ، فكنت بذلك كأنى قاتل له. أي لم أبق شيئا يعلم من كنهه ، كما لم يبق القاتل من المقتول شيئا من
__________________
(١) هنا خمس كلمات متقطعة غير واضحة بالأصل.
(٢) فى لأصل ( فلا تقعد ) بخطاب الواحد ، وهو تحريف وليس هناك فى القراءات شىء مثل هذا. ويؤيد صيغة الجمع قوله تعالى بعد هذا : ( إنكم إذا مثلهم ) .
(٣) فى الأصل « عماره » بدون نقط العين المعجمة.
(٤) فى الأصل « ذخيلته » بإعجام الذال. والصواب بالدال المهملة.