فقد ينشأ وعر المسلك متفكك النظم لإعمال الصنعة فيه ؛ ونحن نرى « الدرجات الرفيعة » و « مجلة العرفان » أوردا نبذا من نثره لا يتفق وأسلوب كتابه ، لأن فى هذا من الفخامة والبلاغة وعلو الدرجة والروعة ، ما ليس فيها ؛ لكنه ينبؤنا بقوله :
نظم ونثر قد طمحت إليهما |
|
صعدا ويعنو للأخير الأول |
أن نثره أعلى درجة من نظمه في نظره.
مديحه وهجاؤه :
إن صلات الشريف بالخلفاء والملوك تبرر مدحه لهم واطراءه إياهم ، والمدح مهما كان الغرض منه عادة جارية كسنة طبيعية ، ولكن زاد عصر الشريف تنافس ملوكه على بعد الصيت وحسن السمعة التي تولد لهم العظمة في النفوس ، فقام بنو بويه الذين لهم صولجان الملك في العراق بترويج الأدب وتنشيط الأدباء ، لزهوهم وحبهم لاذاعة العظمة وحسن السيرة ، فاقتضوهم مدائحهم وأمدوهم بالعطايا ليتهافتوا على مدحهم واشهار محامدهم ، ولعل لهؤلاء أغراض أخر لا نريد استقصاءها ؛ ولقد كان الشريف غنيا عن اطرائهم ومدحهم لو لا تلك النزعات والضعف السياسي في الدولة كما ينبؤنا عن نفسه منذ بلغ ١٥ عاما أنه لا يمدح الملوك وذلك حيث يقول : « ورفعت عن مدح الملوك خواطري » ، ولكنه لما ابتلي بأولئك الملوك والخلفاء الذين يتهالكون في طلب المدح اشهارا لكرامتهم ، لم يجد بدا من مدحهم ليملك ودهم ويسخرهم لأغراضه ، كما وجدناه يقول في مدح الطائع :