المعرض ناصع الأسلوب. وهذه ألفاظ غير محدودة المعنى ، بل يختلف معناها باختلاف الأذواق ؛ ولكن ليس من قبيل هذه الكلمات المبهمة ما نطري به شعر الشريف بأبهة التاج وحشمة الملوك ، وبالروعة والجلالة ، لأن هذه الصفات محسوسة محدودة المعنى لا تتحكم بها الأذواق ، ولذا لا نجد فيما نحكم له بها خلافا من أحد مهما كان ذوقه ومهما لطف مزاجه.
مقارنته بالمتنبي :
إذا نحن أردنا أن نقارن بين شعري الشريف والمتنبي ـ ولا بد من المقارنة وهو ذلك الفحل الغوار على المعاني وشعره ذلك الشعر الفخم العالي ـ لا نجد شعر الشريف يفوقه فيما ذكرناه من الابهة والجلالة فقط ، بل تجد كثيرا في شعر المتنبي غموض المعنى وغرابة اللفظ ووعورة المسلك ، ثم المبالغة والغلو بصوغ الأكاذيب تاجا لكثير ممن لا يستحق إلا الجفوة ، ثم الفخر الكاذب والدفاع عنه ، وبعد ذلك نجد الكلمات القبيحة التي يستعملها الخلعاء ، أما القذف والقذع في الهجاء فحدث عنه ولا بأس عليك ، وإذا كان الغلو والكذب والهجاء من الأمور الشائعة التي قلما يخلو عنها شاعر ، وقد تدعو الظروف لها ، فان فيما عداها كفاية في سقوطه أمام شعر الشريف النزه.
إن عمدة ما يمتاز به شعر المتنبي هو بعد المعاني مع تقريبها الى الحس بألفاظ تطابقها ، غير نابية ولا مبذولة ، وهو الشطر الأوفر من شعره في جميع ضروبه حتى في الهجاء والمجون ، وهذا بعض ما حازه شعر الشريف إلا النادر منه ، بلا أن يلوح عليه ما يظهر على شعر المتنبي من