أيا خاطبا ودي على النأي إننى |
|
صديقك إن كنت الحسام المهندا |
فاني رأيت السيف أنصر للفتى |
|
إذا قال قولا ماضيا او توعدا |
انه يلحن له في هذا القول عن مؤازرته فيما يرومه ، وعن تقريبه الى الدعوة له ، بيد انه لا يصارحه فى ذلك كما يصارح أبا إسحاق الصابي.
إن الصابي كان ـ خصوصا بعد ما أفقده عضد الدولة كرامته ومقامه من كتابة ديوان الإنشاء ـ يستميل الشريف بمثل قوله : « أبا حسن لى في الرجال فراسة » ، ويمنيه الأمانى ويؤكد له المطامع والآمال ، ليستعيد مقامه الأول ، وربما كان حماس الشريف نفسه وتطلعه للخلافة يأخذ من الصابي مأخذه ـ وهو شاعر يستهويه الخيال فيتحول الى حقيقة ماثلة ـ فيجد في ذلك ضوء لنيل آماله واستعادة كرامته ؛ ولكن الشريف كيف يجيب عن تلك الفراسة ، وبالأحرى المماذقة والمواربة ؟ . انه يعده بالمكافأة التامة ، ومشاطرة النعمة إن حصلت أمانيه وصدقت به الفراسة ، ولكنه بالآخرة يقول له غير متردد ولا شاك :
فو الله لا كذبت ظنك إنه |
|
لعار إذا ما عاد ظنك مخفقا |
فان الذي ظن الظنون صوادقا |
|
نظير الذي قوّى الظنون وحققا |
وسواء كان الصابي ـ الذي حلب الدهر أشطره ـ صادق النية ومخلصا للشريف او مواربا كما أظن ، او هو كما يقال (١) يزعم أن طالعه النجومي يدل على نيله الخلافة ، فان الشريف هو المنبه لشعور الصابي وأمثاله ، وهو هو الذي قد مازج حب الخلافة نفسه منذ صباه ، ولقد كان يستوحش إذا
__________________
(١) عمدة الطالب.