سلطان فقط ، بل لأنه نفسه قد نشأ على موالاة الطائع منذ صباه ، وفي أيام أبيه ، حتى في دور النكبة ، فلقد كان في أيام عضد الدولة المفضل عليه لا يألوا جهدا في ملاينة الشريف ووعده بحصول أمانيه ، بالرغم على مراقبة حساده واعداء أبيه ، وبعد ، فما كان الطائع ـ وهو داهية المجاملة ـ ليهمل محاولات الشريف التي يعرفها والتي يتوسمها في جبينه ، وهو يرى إقبال شرف الدولة عليه وعلى أبيه ، ولا يهمل ما لأبى أحمد على أبيه المطيع في أيام المستكفي وقبل دخول معز الدولة بغداد ثم بعده ، لأنه الواسطة الوحيدة لدى المعز فى صرف الخلافة إليه ، الى ان تنازل عنها لولده الطائع.
إن هذا لا ينساه الطائع بعد استخلافه ، ولا يجهله الشريف بعد استقلاله وتأهله للقيام بشئون النقابة وما يشبهها من المحاولات الشريفة ولتلك المودة الموروثة والولاء الصميمي الممتزج بالآمال الكثيرة ، كان الشريف يحرص على مودته ، ويغار عليه أن يتصل به بعض مناوئيه ؛ وقد يسترسل معه فيترك بعض واجبات الحشمة والمجاملة له ، كما نجده حينما استماله بعض أعداء الشريف بالمال ليحوز النقابة دونه يقول مخاطبا له :
لعبت بعقلك حيلة الخوّان |
|
و نمي إليّ من العجائب أنه |
فاحذر عواقب ما جنيت فربما |
|
رمت الجناية عرض قلب الجاني |
فهذه المعاتبة الجافية ـ او سمّها النصيحة الحادة ـ لا يقابل بها المهاب المحتشم بل المماثل ، وفيها تدليل على ان المودة بينهما كانت مستحكمة لدرجة الخلة أو ما فوقها ؛ ونحن نزداد بصيرة فى هذا إذا رأينا الشريف مع