في السياسة. وكانت الأمراء وعامة رجال الدولة تقدمه على أخيه ، وترفعه عليه في الإعزاز والاحترام ورعاية الجانب ، لما تحسه فيه من الإباء والعزة والفتوة ـ او على ما يقوله صاحب العمدة : « لمحله من نفوس العامة والخاصة » ـ وعدم قبول أيّما صلة ؛ وقصته مع الوزير المهلبي المشهورة تشهد بذلك (١) .
ولكنه بالرغم على تلك المخائل والإحساسات القوية ، لما فتح عينيه ينظر الى الحياة الحقيقية وجد عضد الدولة ـ عدوّ أبيه ـ هو المتصرف المطلق في مدينة المنصور ، وعمره يومذاك ثمانى سنين ، قضاها في ظل أبيه وحشمة معز الدولة ، حتى تم له ثماني عشرة سنة هي آخر ملك صمصام الدولة التابع لأبيه العضد في الولاء والعداء مهما خفت وطأته.
وهذا من أسوإ الأدوار التي مرت على الشريف وأشدّها بؤسا ، فان أباه وعمه ( أبا عبد الله احمد ) منفيان بفارس ومعتقلان في قلعة منها ، وأملاكهما مصادرة ، واحباؤه واصحاب أبيه قد فتكت بهم تدابير عضد الدولة وعمل فيهم مكره ، فيهم بين حبيس وقتيل.
وقد ذكر عمه وأباه واطراهما عام الاعتقال بقصيدة : « نصافي الأماني والزمان معاند » فانه في أثناء إطرائه لأبيه يقول :
فأقبل والدنيا مشوق وشائق |
|
و اعرض والدنيا طريد وطارد |
و ساعده يوم استقل ركابه |
|
اخوه وقال البين : نعم المساعد |
__________________
(١) ذكرها صاحب العمدة في كتاب النسب وشارح النهج عن محمد ابن إدريس الحلي.