فعلا لا استحقاقا الّا ان يكون على سبيل التنزّل بل لما ذكره من كون بعث الرّسول كناية عن بيان التكليف او كون العموم مخصّصا بغير المستقلّات العقليّة قوله ومنها قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً) الآية فى سورة البراءة قوله وفيه ما تقدّم فى الآية اه يعنى انّ الآية اخبار بعدم وقوع الخذلان الدنيوىّ من الله تعالى الّا بعد البيان ولا ربط له بتوقّف الخذلان الاخروى على البيان مع انّ دلالة هذه الآية اضعف من الآية السّابقة لأنّ مفادها توقّف العذاب على البيان ومفاد هذه الآية توقّف الخذلان على البيان وهو غير المدّعى الّا ان يقال بانّ توقّف الخذلان على البيان يستلزم توقّف العذاب الدنيوى على البيان بطريق اولى لأنّ العذاب اشدّ من الخذلان وبهذا التقرير يظهر لك عدم اضعفيّة الآية الثانية عن الاولى لكن يكون ضعف الدّلالة باقيا فيهما من جهة الاختصاص بالخذلان والعذاب الدنيوى هذا وبما ذكرنا فى الآية السّابقة يظهر لك دلالة هذه الآية ايضا على المطلوب اوّلا بانّ لفظ كان للاستمرار فيشمل الخذلان الاخروى ايضا ويتاتى فيه اولويّة توقّف العذاب الاخروى عليه وثانيا بانّه على تقدير ظهور الآية فى الخذلان الدّنيوى فقط يتم دلالتها على توقّف العذاب الاخروى على البيان ايضا بطريق اولى فتدبّر قوله وفى دلالتها تامّل ظاهر لاحتمال كون المراد بالبيّنة المعجزة الدالّة على صدق الرّسول ص وكون المراد بالهلاكة الكفر الّذى يوجب الهلاك الدّائم وكون المراد بالحياة الاسلام فتدبّر قوله طريق الرّد على اليهود كذا فى ما عندنا من نسخ الكتاب والصّواب ذكر المشركين واهل الجاهليّة وقد نصّ المفسّرون فيما عندنا من كتب التّفسير كتفسير الفخر الرّازى ومجمع البيان والبرهان على انّ هذه الآية ردّ عليهم حيث قالوا بتحريم بعض الأشياء مثل البحيرة (١) والحام والوصيلة وقالوا انّ ما فى بطون هذه الأنعام خالصة لذكورهم دون الاناث وان كانت ميتة فهم فيه شركاء وغير ذلك من عقايدهم الفاسدة ويدلّ على ذلك كون السّورة مكيّة واكثر آياتها حجاج على المشركين وعلى من كذّب بالبعث والنشور كما صرّح به فى مجمع البيان مع انّ سياق الآيات السّابقة ايضا يدلّ على ذلك حيث قال الله تعالى (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) الى قوله تعالى (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ)(٢)(وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً) الى قوله (وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) الى غير ذلك من الآيات قوله فيما صدر من الله من الأحكام يعنى الأحكام الواقعيّة او الاعمّ منها ومن الظّاهريّة مع عدم
__________________
(١) والسّائبة
(٢) وانعام حرّمت ظهورها