التنبيه ، أعني مفهوم الموافقة ، على القول بأنه ليس من أنواع القياس ، لأنهم يختلفون في أنه من أنواع القياس أم لا ، وتحقيقه في الاصول.
والثاني : اتحاد طريق المسألتين ، بمعنى أن يوجد في المسألة حكم ثابت إما بنص أو إجماع ، وتجيء مسألة اخرى مماثلة لها في الطريق والصورة ، فيتحدان في الحكم ، فتعطى الثانية حكم الأول ، وهو قريب من الأول وإن كان فيه نوع من المغايرة ، وكلاهما من أنواع القياس الجلي ، على ما لا يخفى على المتأمل.
واستدل على كون هذين الطريقين حجة ، بحديث رواه مصحح الطريق عن زرارة وأبي بصير ، عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنهما قالا : «علينا أن نلقي اليكم الاصول وعليكم ان تفرّعوا» (١).
أقول وهذا الحديث أيضا دال على جواز العمل بمنصوص العلة عن القياس ، لأنّه من التفريع على اصولهم الثابتة عنهم عليهمالسلام ، خصوصا إذا وجد منهم بيان علة الحكم ، وتحقق الثبوت لتلك العلة في الفرع ، فإن الظن يقوى بثبوت ذلك الحكم في ذلك الفرع ، والعمل بالظن واجب كما تقرر في الاصول.
بل أقول ودلالة هذا الحديث على جواز الاجتهاد مع حضور الإمام ظاهرة بمضمون النص ، بل هو دال على وجوبه ، لأنهما عليهماالسلام قالا فيه : «وعليكم أن تفرّعوا» ولفظة على إنما تستعمل للوجوب كما هو مقرر في الاصول ، فقد أوجبا علينا التفريع على اصولهم ، باستنباط أحكام الحوادث الجزئية. من تلك الاصول الكلية ، الثابتة عنهم بالنص ، وذلك هو معنى الاجتهاد ، فافهمه موفقا إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) عوالي اللئالي : ج ٤ ص ٦٣ ح ١٧. وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب صفات القاضي ح ٥١ ، ٥٢ ج ١٨ ص ٤١. السرائر : المستطرفات ، ما استطرفه من جامع البزنطي ج ٣ ص ٥٧٥.