بقتالهم ، فقال النبي صلّى الله عليه : أنى قد رأيت فى منامى أنى أهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء ، فاستبشروا بذلك ، ثم إنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك ؛ فقالوا للنبى صلّى الله عليه : ما نرى تأويل ما قلت ، وقد اشتد علينا الأذى؟ فأنزل الله عزوجل : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) أخرج إلى الموضع الذي أريته فى منامى أم لا؟ ثم قال لهم : إنما هو شىء أريته فى منامى ، وما أتبع إلا ما يوحى إلىّ. يقول : لم يوح إلىّ ما أخبرتكم به ، ولو كان وحيا لم يقل صلّى الله عليه : (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ).
وقوله : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) (١٠).
شهد رجل من اليهود على مثل ما شهد عليه عبد الله بن سلام [١٧٥ / ب] من التصديق (١) بالنبي صلى الله عليه وأنه موصوف فى التوراة ، فآمن ذلك الرجل واستكبرتم.
وقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) (١١).
لمّا أسلمت : مزينة ، وجهينة ، وأسلم ، وغفار ، قالت بنو عامر بن صعصعة وغطفان ، وأشجع وأسد : لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه رعاة البهم. (٢) ، فهذا تأويل قوله : (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ).
وقوله : (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا) (١٢).
وفى قراءة عبد الله : مصدق لما بين يديه لسانا عربيا ، فنصبه فى قراءتنا على تأويل قراءة عبد الله ، أي هذا القرآن يصدق التوراة عربيا مبينا ، وهى فى قراءة عبد الله يكون [نصبا] (٣) من مصدق. على ما فسرت لك ، ويكون قطعا من الهاء فى بين يديه.
وقوله عزوجل : لتنذر (الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) (١٢).
البشرى : تكون رفعا ونصبا ، الرفع على : وهذا كتاب مصدق وبشرى ، والنصب على (٤) لتنذر الذين ظلموا وتبشر ، فإذا أسقطت تبشر ، ووضعت فى موضعه بشرى أو بشارة نصبت ،
__________________
(١) في ب ، ح ، ش للتصديق ، وعبارة الأصول أقوم.
(٢) فى (ا) ما سبقونا إليه رعاة إليهم ، وإليهم تحريف ، وفى ش ما سبقونا إليه رعاة البهم ، والتصويب عن ب والبهم : أولاد الضأن والمعز والبقر ، جمع بهمة بفتح وسكون.
(٣) زيادة من ب ، ح ، وفى ش يكون منصوبا.
(٤) سقط فى (ا) لفظ على.