وقول العوام أقوى فى قياس العربية ؛ لأن المطلع بالفتح هو : الطلوع ، والمطلع : المشرق ، والموضع الذي تطلع منه إلّا أن العرب يقولون : طلعت الشمس مطلعا فيكسرون. وهم يريدون : المصدر ، كما تقول : أكرمتك كرامة ، فتجتزىء بالاسم من المصدر. وكذلك قولك : أعطيتك عطاء اجتزى فيه بالاسم من المصدر.
ومن سورة لم يكن
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١).
يعنى : النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهى فى قراءة عبد الله : «لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكّين». فقد اختلف التفسير ، فقيل : لم يكونوا منفكين منتهين حتى [١٤٥ / ا] تأتيهم البينة.
يعنى : بعثه محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن. وقال آخرون : لم يكونوا تاركين لصفة محمد صلىاللهعليهوسلم فى كتابهم : أنه نبى حتى ظهر ، فلما ظهر تفرقوا واختلفوا ، ويصدّق ذلك.
قوله عزوجل : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (٤) وقد يكون الانفكاك على جهة يزال ، ويكون على الانفكاك الذي تعرفه ، فإذا كانت على جهة يزال فلا بد لها من فعل ، وأن يكون معها جحد ، فتقول : ما انفككت أذكرك ، تريد : ما زلت أذكرك ، فإذا كانت على غير معنى : يزال ، قلت : قد انفككت منك ، وانفك الشيء من الشيء ، فيكون بلا جحد ، وبلا فعل ، وقد قال ذو الرمة :
قلائص لا تنفك إلّا مناخة |
|
على الخسف أو ترمى بها بلدا قفرا (١) |
فلم يدخل فيها إلا (إلّا) وهو ينوى بها التمام وخلاف : يزال ، لأنك لا تقول : ما زلت إلا قائما.
__________________
(١) روى (حراجيج) مكان (قلائص). وحراجيج جمع : حرجوج ، بضم فسكون ، وهى الناقة السمينة الطويلة على وجه الأرض ، أو الشديدة. ديوان الشاعر : ١٧٣ ، والكتاب : ١ : ٤٢٨ ، وتفسير القرطبي : ٢٠ : ١٤١