تقول العرب (١) : أنفق فلان ماله على فلان ، وإنما أنفق بعضه ، وهو كثير فى التنزيل ؛ من ذلك قوله فى أبى بكر : (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (٢) لم يرد كل ماله ؛ إنما أراد بعضه.
ويقال : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٥).
إلى النار ؛ ثم استثنى فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) استثناء (٣) من الإنسان : لأنّ معنى الإنسان : الكثير. ومثله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) (٤) وهى فى قراءة عبد الله «أسفل السافلين (٥)» ، ولو كانت : أسفل سافل لكان (٦) صوابا ؛ لأنّ لفظ الإنسان. واحد ، فقيل : (سافِلِينَ) على الجمع ؛ لأن الإنسان فى معنى جمع ، وأنت تقول : هذا أفضل قائم ، ولا تقول : هذا أفضل قائمين ؛ لأنك تضمر لواحد ، فإذا كان الواحد غير مقصود (٧) له رجع اسمه بالتوحيد وبالجمع كقوله (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٨) وقال فى عسق : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) (٩) فردّ الإنسان على جمع ، ورد تصبهم على الإنسان للذى أنبأتك به.
وقوله عزوجل : (فَما يُكَذِّبُكَ) [١٤٣ / ب] (٧).
يقول : فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم ، كأنه قال ، فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين له من خلقنا الإنسان على ما وصفنا.
__________________
(١) فى ب : العربي.
(٢) سورة الليل الآية : ١٨.
(٣) سقط فى ش.
(٤) سورة العصر : ٢ ، ٣.
(٥) انظر البحر المحيط : (٨ / ٤٩٠).
(٦) فى ش : كان.
(٧) فى الأصل : «مصمود» وظاهره أنه خطأ ، والتصويب من (الطبري : ٣٠ ـ ٢٤٦)
(٨) سورة الزمر الآية : ٣٣.
(٩) سورة الشورى الآية : ٤٨.