ومن قرأ : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٨) ففيه وجهان : سئلت : فقيل لها : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ثم يجوز قتلت. كما جاز فى المسألة الأولى ، ويكون سئلت : سئل عنها الذين وأدوها. كأنك قلت : طلبت منهم ، فقيل : أين أولادكم؟ وبأى ذنب قتلتموهم؟ وكل الوجوه حسن بيّن إلّا أن الأكثر (سئلت) فهو أحبّها إلىّ.
وقوله عزوجل : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) (١٠).
شدّدها يحيى بن وثاب ، وأصحابه ، وخففها آخرون من أهل المدينة (١) وغيرهم. وكلّ صواب ، قال الله جل وعز (صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٢) ، فهذا شاهد لمن شدّد ، ومنشورة عربى ، والتشديد فيه والتخفيف لكثرته ، وأنه جمع ؛ كما تقول : مررت بكباش مذبّحة ، ومذبوحة ، فإذا كان واحدا لم يجز إلا التخفيف ، كما تقول : رجل مقتول ، ولا تقول : مقتّل.
وقوله جل وعز (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) (١١).
نزعت وطويت ، وفى [١٢٩ / ا] قراءة عبد الله : «قشطت» بالقاف ، وهما لغتان ، والعرب تقول : القافور (٣) والكافور ، والقفّ والكفّ ـ إذا تقارب الحرفان فى المخرج تعاقبا فى اللغات : كما يقال : جدف وجدث ، تعاقبت الفاء الثاء فى كثير من الكلام ، كما قيل : الأثافى والأثاثى (٤) ، وثوب فرقبى وثرقبى (٥) ، ووقعوا فى عاثور شرّ ، وعافور شر (٦).
وقوله عزوجل : (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (١٢).
خففها الأعمش وأصحابه ، وشددها الآخرون (٧).
وقوله تبارك وتعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (١٤) جواب لقوله (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١) ولما بعدها ، (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) (١٣) قربت.
__________________
(١) قرأ بالتخفيف جماعة منهم : أبو رجاء وقتادة والحسن والأعرج وشيبة وأبو جعفر ونافع وابن عامر وعاصم (البحر المحيط ٨ / ٤٣٤).
(٢) سورة المدثر : ٥٢.
(٣) ونقدمت قراءة عبد الله : «قافورا» فى (كافُوراً). (البحر المحيط ٨ / ٤٣٤).
(٤) الأثافى : جمع أثفية ، وهى الحجر الذي توضع عليه القدر.
(٥) الثرقبية والفرقبية : ثياب كتان بيض وقيل : من ثياب مصر ، يقال : ثوب ثرقبى وفرقبى.
(٦) العاثور : ما عثر به ، وقعوا فى عاثور شر ، أي : فى اختلاط من شر وشدة.
(٧) منهم نافع وابن ذكوان وحفص وأبو بكر (الإتحاف : ٤٣٤).