وقد اجتمع القراء على كسر «إنا» فى قوله : (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) ، واختلفوا فيما بعد ذلك ، فقرءوا : وإنّا ، وأنّا (١) إلى آخر السورة ، وكسروا بعضا ، وفتحوا بعضا.
[حدثنا أبو العباس قال (٢) : حدثنا محمد قال] : حدثنا الفراء قال : فحدثنى الحسن بن عياش أخو أبى بكر بن عياش ، وقيس عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن قيس أنه قرأ ما فى الجنّ ، والنجم : (وأنا) ، بالفتح (٣). قال الفراء : وكان يحيى وإبراهيم وأصحاب عبد الله كذلك يقرءون. وفتح نافع المدني ، وكسر الحسن ومجاهد ، وأكثر أهل المدينة إلا أنهم نصبوا : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) (١٨)
[حدثنا محمد قال (٤) :] حدثنا الفراء قال : وحدثنى حبّان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : أوحى إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد اقتصاص أمر الجن : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا) (١٨).
وكان [عاصم بكسر ما كان] (٥) من قول الجن ، ويفتح ما كان من الوحى. فأما الذين فتحوا كلها فإنهم ردّوا «أن» فى كل السورة على قوله : فآمنا به ، وآمنا بكل ذلك ، ففتحت «أن» لوقوع الإيمان عليها ، وأنت مع ذلك تجد الإيمان يحسن فى بعض ما فتح ، ويقبح فى بعض ، ولا يمنعك (٦) ذلك من إمضائهن على الفتح ، فإن الذي يقبح من ظهور الإيمان قد يحسن فيه فعل مضارع للإيمان يوجب فتح أنّ كما قالت العرب.
إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا (٧) |
فنصب العيون باتباعها (٨) الحواجب ، وهى لا تزجج إنما تكحّل ، فأضمر لها الكحل ،
__________________
(١) جاء فى الإتحاف : ٤٢٥ : واختلف فى همز (وَأَنَّهُ تَعالى) وما بعده إلى قوله سبحانه (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ) وجملته اثنا عشر ؛ فابن عامر وحفص وحمزة والكسائي وخلف بفتح الهمزة فيهن عطفا على مرفوع أوحى ... وقرأ أبو جعفر بالفتح فى ثلاثة منها ، وهى : «وأنه تعالى ، وأنه كان يقول ، وأنه كان رجال» جمعا بين اللغتين. وافقهم الحسن والأعمش والباقون بالكسر فيها كلها عطفا على قوله : (إِنَّا سَمِعْنا).
(٢) زيادة فى ش.
(٣) ما فى النجم (وأن) ، الآيات ٣٩ وما بعدها.
(٤) زيادة فى ب.
(٥) سقط فى ح.
(٦) فى ح ، ش : فلا تمنعك تحريف
(٧) سبق تخريج البيت انظر ص ١٣٦ من هذا الجزء.
(٨) فى ش : باتباعنا.