وقوله : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ) [٥] نصبت (الأنعام) بخلقها لمّا كانت فى الأنعام واو. كذلك كلّ فعل عاد على اسم بذكره ، قبل الاسم واو أو فاء أو كلام يحتمل نقلة الفعل إلى ذلك الحرف الذي قبل الاسم ففيه وجهان : الرفع والنصب. أمّا النصب فأن تجعل الواو ظرفا للفعل. والرفع أن تجعل الواو ظرفا للاسم الذي هى معه. ومثله (وَالْقَمَرَ) (١) (قَدَّرْناهُ مَنازِلَ)(وَالسَّماءَ بَنَيْناها) (٢) (بِأَيْدٍ) وهو كثير.
ومثله : (وَكُلَّ إِنسانٍ (٣) أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ)(وَكُلَّ شَيْءٍ (٤) أَحْصَيْناهُ).
والوجه فى كلام العرب رفع كلّ (٥) فى هذين الحرفين ، كان فى آخره راجع من الذكر أو لم يكن لأنه فى مذهب ما من شىء إلا قد أحصيناه فى إمام مبين والله أعلم. سمعت العرب تنشد :
ما كلّ من يظّنّنى أنا معتب |
|
ولا كلّ ما يروى عليّ أقول (٦) |
فلم يوقع على (كلّ) الآخرة (أقول) ولا على الأولى (معتب). وأنشدنى بعضهم :
قد علقت أمّ الخيار تدّعى |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع |
وقرأ علىّ بعض العرب بسورة يس. (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) رفعا قرأها غير مرّة.
وأمّا قوله : (وَكُلُّ شَيْءٍ (٧) فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) فلا يكون إلّا رفعا ؛ لأن المعنى ـ والله أعلم ـ
__________________
(١) الآية ٣٩ سورة يس.
(٢) الآية ٤٧ سورة الذاريات.
(٣) الآية ١٣ سورة الإسراء.
(٤) الآية ١٢ سورة يس والآية ٢٩ سورة النبأ.
(٥) أي لفظ كل فى الآيتين الأخيرتين.
(٦) انظر ص ١٤٠ من الجزء الأول.
(٧) الآية ٥٢ سورة القمر.