أيديهم فى أفواههم يقول ردّوا ما لو قبلوه لكان نعما وأيادى من الله فى أفواههم ، يقول بأفواههم أي بألسنتهم. وقد وجدنا من العرب من يجعل (فى) موضع الباء فيقول : أدخلك الله بالجنّة يريد :
فى الجنة. قال : وأنشدنى بعضهم :
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه |
|
ولكنّنى عن سنبس لست أرغب |
فقال : أرغب فيها يعنى بنتا له. أي إنى أرغب بها عن لقيط (١).
وقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) [١٣] قال (أَوْ لَتَعُودُنَّ) فجعل فيها لا ما كجواب اليمين وهى فى (٢) معنى شرط ، مثله من الكلام أن تقول : والله لأضربنّك أو تقرّ لى : فيكون معناه معنى حتّى أو إلّا ، إلا أنها جاءت بحرف نسق. فمن العرب من يجعل الشرط متبعا للذى قبله ، إن كانت فى الأول لام كان فى الثاني لام ، وإن كان الأول منصوبا أو مجزوما نسقوا عليه كقوله : (أَوْ لَتَعُودُنَّ) ومن العرب من ينصب ما بعد أو ليؤذن نصبه بالانقطاع عمّا قبله. وقال الشاعر (٣) :
لتقعدنّ مقعد القصىّ |
|
منّى ذى القاذورة المقلىّ |
أو تحلفي بربّك العلىّ |
|
أنيّ أبو ذيّالك الصبىّ |
فنصب (تحلفي) لأنه أراد : أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفنّ كان صوابا ومثله قول امرئ القيس :
بكى صاحبى لمّا رأى الدرب دونه |
|
وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا (٤) |
__________________
(١) فى الطبري بعده : «ولا أرغب بها عن قبيلتى» فأفاد أن الشاعر من سنبص. وسنبس حى من طىء.
(٢) سقط فى ا.
(٣) هو بعض العرب ، قدم من سفر فوجد امرأته قد ولدت غلاما فانكره. وانظر اللسان (ذا) فى حرف الألف اللينة فى أواخر الجزء العشرين وفى ب : «ليقعدن».
(٤) من قصيدة له قالها حين ذهب إلى قيصر. وانظر الديوان ص ٦٥ وما بعدها.