وقوله : (خَلَصُوا نَجِيًّا) [٨٠] و [نجوى] قال الله عزوجل (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) وقوله : (قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ) (ما) التي مع (فرّطتم) فى موضع رفع كأنه قال : ومن قبل هذا تفريطكم فى يوسف.
فإن (١) شئت جعلتها نصبا ، أي ألم تعلموا هذا وتعلموا من قبل تفريطكم فى يوسف. وإن شئت جعلت (ما) صلة كأنه قال (٢) : ومن قبل فرّطتم فى يوسف.
وقوله : (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) [٨١] ويقرأ (سرّق) ولا أشتهيها ؛ لأنها شاذّة. وكأنه ذهب إلى أنه لا يستحلّ أن يسرّق ولم يسرق : وذكر أن ميمون بن مهران لقى رجاء بن حيوة بمكّة ، وكان رجاء يقول : لا يصلح الكذب فى جد ولا هزل. وكان ميمون يقول : ربّ كذبة هى خير من صدق كثير. قال فقال ميمون لرجاء : من كان زميلك؟ قال : رجل من قيس. قال : فلو أنك إذ مررت بالبشر (٣) قالت لك تغلب : أنت الغاية فى الصدق فمن زميلك هذا؟ فإن كان من قيس قتلناة ، فقد علمت ما قتلت قيس منّا ، أكنت تقول : من قيس أم من غير قيس؟ قال : بل من غير قيس. قال : فهى كانت أفضل أم الصدق؟ قال الفراء : قد جعل الله عزوجل للأنبياء من المكايد ما هو أكثر من هذا. والله أعلم بتأويل ذلك.
وقوله : (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) يقول : لم نكن نحفظ غيب ابنك ولا ندرى ما يصنع إذا غاب عنا. ويقال : لو علمنا أن هذا يكون لم نخرجه معنا.
وقوله : (أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [٨٣] الصبر الجميل مرفوع لأنه عزّى نفسه وقال : ما هو إلا الصبر ، ولو أمرهم بالصبر لكان النصب أسهل ، كما قال الشاعر :
__________________
(١) كذا. والأولى : «وإن».
(٢) سقط فى ا.
(٣) البشر : جبل من منازل تغلب. وبين تغلب وقيس حروب وغارات.