وقوله : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) [٣٨] من هذا ومن تسع النسوة ، ولم تحلّ لغيره وقوله : (سُنَّةَ اللهِ) يقول : هذه سنّة قد مضت أيضا لغيرك. كان لداوود وسليمان من النساء ما قد ذكرناه ، فضّلا به ، كذلك أنت.
ثم قال : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) [٣٩] فضّلناهم بذلك ، يعنى الأنبياء. و (الذين) فى موضع خفض إن رددته على قوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) وإن شئت رفعت على الاستئناف. ونصب (١) السنّة على القطع ، كقولك : فعل ذلك سنة. ومثله كثير فى القرآن. وفى قراءة عبد الله : (الذين بلّغوا رسالات الله ويخشونه) هذا مثل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا (٢) وَيَصُدُّونَ) يردّ يفعل على فعل ، وفعل على يفعل. وكلّ صواب.
وقوله : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) [٤٠] دليل على أمر تزوّج زينب (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) معناه : ولكن كان رسول الله. ولو رفعت على : ولكن هو رسول الله كان صوابا وقد قرئ به (٣). والوجه النصب.
وقوله : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) كسرها الأعمش وأهل الحجاز ، ونصبها ـ يعنى التاء ـ عاصم والحسن وهى فى قراءة عبد الله : (ولكن نبيّا ختم النبيّين) فهذه حجّة لمن قال (خاتم) بالكسر ، ومن قال (خاتم) أراد هو آخر النبيّين ، كما قرأ علقمة فيما ذكر (٤) عنه (خاتمه (٥) مسك) أي آخره مسك. حدثنا أبو العباس ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا الفراء ، قال : حدثنا أبو الأحوص سلّام ابن سليم عن الأشعث بن أبى الشعثاء المحاربىّ قال : كان علقمة يقرأ (خاتمه مسك) ويقول : أمّا سمعت المرأة تقول للعطّار : اجعل لى خاتمه مسكا أي آخره.
__________________
(١) ش : «نصبت».
(٢) الآية ٢٥ سورة الحج.
(٣) قرأ بذلك زيد بن على وابن أبى عبلة كما فى البحر ٧ / ٢٣٦.
(٤) ا : «ذكروا».
(٥) الآية ٢٦ من سورة المطففين. وهى فى قراءة الجمهور : «ختامه مسك».