(هذَا الْقُرْآنَ) منصوب بوقوع الفعل عليه. كأنك قلت : بوحينا (١) إليك هذا القرآن. ولو خفضت (هذا) و (القرآن) كان صوابا : تجعل (هذا) مكرورا (٢) على (ما) تقول : مررت بما عندك متاعك تجعل المتاع مردودا على (ما) ومثله فى النحل : (وَلا تَقُولُوا (٣) لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) و (الكذب) على ذلك.
وقوله : يا أبت (٤) لا تقف عليها بالهاء وأنت خافض لها فى الوصل ؛ لأن تلك الخفضة تدلّ على الإضافة إلى المتكلّم. ولو قرأ قارئ (يا أبت) لجاز (وكان (٥) الوقف على الهاء جائزا. ولم يقرأ به أحد نعلمه. ولو قيل : يا أبت لجاز) الوقوف عليها (بالهاء (٦)) من جهة ، ولم يجز من أخرى. فأمّا جواز الوقوف على الهاء فأن تجعل الفتحة فيها من النداء ولا تنوى أن تصلها بألف الندبة فكأنه كقول الشاعر (٧) :
كلينى لهمّ يا أميمة ناصب
وأمّا الوجه الذي لا يجوز الوقف على الهاء فأن تنوى : يا أبتاه ثم تحذف الهاء والألف ؛ لأنها فى النّيّة متّصلة بالألف كاتّصالها فى الخفض بالياء من المتكلّم.
وأمّا قوله : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [٤] فإن العرب تجعل العدد ما بين أحد عشر
__________________
(١) لو أتى بمصدر (أَوْحَيْنا) لقال : «بإمحائنا» ولكنه أتى بمصدر الثلاثي إذ كان فى معنى الإيحاء.
(٢) يريد أن يكون بدلا.
(٣) الآية ١١٦ سورة النحل
(٤) قرأ بالخفض ابن كثير ويعقوب وهما يقفان بالهاء ، كما فى الإتحاف.
(٥) سقط ما بين القوسين فى ا.
(٦) سقط ما بين القوسين فى ا ، ب.
(٧) هو النابغة. وعجزه :
وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وقد روى «أميمة» بالضم والفتح وهو يريد رواية الفتح وانظر مختار الشعر الجاهلى ١٥٣.