ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة. وقد يجوز أن تكون كثر (١) بها الكلام فوصلت بما ليست منه ؛ كما اجتمعت العرب على كتاب (يا بن أمّ) (يا بنؤمّ) (٢) قال : وكذا رأيتها فى مصحف عبد الله. وهى فى مصاحفنا أيضا.
وقوله : (لَخَسَفَ بِنا) [٨٢] قراءة العامة (لَخَسَفَ) وقد قرأها شيبة (٣) والحسن ـ فيما أعلم ـ (لَخَسَفَ بِنا) وهى فى قراءة عبد الله (لا نخسف بنا) فهذا حجّة لمن قرأ (لخسف).
وقوله : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ) [٨٥].
يقول : أنزل عليك القرآن (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ذكروا أن جبريل قال يا محمّد أشتقت إلى مولدك ووطنك؟ قال : نعم. قال فقال له ما أنزل عليه (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) يعنى إلى مكّة. والمعاد هاهنا إنما أراد به حيث ولدت وليس من العود (٤). وقد يكون أن يجعل قوله (لَرادُّكَ) لمصيرك إلى أن تعود إلى مكّة مفتوحة لك فيكون المعاد تعجّبا (إِلى مَعادٍ) أيّما معاد! لما وعده من فتح مكّة.
وقوله : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) [٨٦] : إلّا أن ربّك رحمك (فأنزل (٥) عليك) فهو استثناء منقطع. ومعناه : وما كنت ترجو أن تعلم كتب الأولين وقصصهم تتلوها على أهل مكّة ولم تحضرها ولم تشهدها. والشاهد على ذلك قوله فى هذه السّورة (وَما كُنْتَ ثاوِياً (٦) فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) أي إنك تتلو على أهل مكّة قصص مدين وموسى ولم تكن هنالك ثاويا مقيما فنراه وتسمعه. وكذلك قوله (وَما كُنْتَ (٧) بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ) وهأنت ذا تتلو قصصهم وأمرهم. فهذه الرّحمة من ربّه.
__________________
(١) ش : «أكثر».
(٢) فى الآية ٩٤ سورة طه.
(٣) وهى قراءة حفص ويعقوب.
(٤) فى الطبري أنّه على هذا من العادة أي لرادك إلى عادتك من الموت أو حيث ولدت.
(٥) سقط فى ا :
(٦) الآية ٤٥.
(٧) الآية ٤٤.