وقوله : (إِنَّهُ أَنَا اللهُ) [٩] هذه الهاء هاء (١) عماد. وهو اسم لا يظهر. وقد فسّر. وقوله : [(كَأَنَّها جَانٌ) [١٠]] الجانّ : الحيّة : التي ليست بالعظيمة ولا الصغيرة. وقوله : (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) : لم يلتفت.
وقوله : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ثم استثنى فقال : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) ثم بدّل حسنا بعد سوء) [١١] فهذا مغفور له. فيقول القائل. كيف صيّر خائفا؟ قلت : فى هذه وجهان : أحدهما أن تقول : إن الرّسل معصومة مغفور لها آمنة يوم القيامة. ومن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا فهو يخاف ويرجو : فهذا وجه. والآخر أن تجعل الاستثناء من الذين تركوا فى الكلمة ؛ لأنّ المعنى : لا يخاف المرسلون إنما الخوف على غيرهم.
ثم استثنى فقال : إلّا من ظلم فإنّ هذا لا يخاف يقول : كان مشركا فتاب وعمل حسنا فذلك مغفور له ليس بخائف.
وقد قال بعض النحويّين : إن (إلا) فى اللغة بمنزلة الواو ، وإنما معنى هذه الآية : لا يخاف لدىّ المرسلون ولا من ظلم ثم بدّل حسنا. وجعلوا مثله قول (٢) الله : (لِئَلَّا يَكُونَ (٣) لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي ولا الذين ظلموا. ولم أجد العربيّة تحتمل ما قالوا ، لأنى لا أجيز قام الناس إلا عبد الله ، وهو قائم ؛ إنما الاستثناء أن يخرج الاسم الذي بعد إلّا من معنى الأسماء قبل إلّا. وقد أراه جائزا أن تقول : عليك ألف سوى ألف آخر ، فإن وضعت (إلّا) فى هذا الموضع صلحت وكانت (إلّا) فى تأويل ما قالوا. فأمّا مجرّدة ١٣٥ ب قد استثنى قليلها من كثيرها فلا. ولكن مثله ممّا يكون فى معنى إلّا كمعنى الواو وليست بها.
__________________
(١) هو المعروف عند البصريين بضمير الشأن.
(٢) ش : «فى قول».
(٣) الآية ١٥٠ سورة البقرة.