قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى موسى الأنصاري عن السّرىّ بن إسماعيل عن الشّعبىّ أنه قرأ (وفعلت فعلتك) بكسر الفاء ولم يقرأ بها غيره.
وقوله : (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) وأنت الآن من الكافرين لنعمتى أي لتربيتى إياك وهى فى قراءة عبد الله (قال فعلتها إذا وأنا من الجاهلين) والضالّين (١) والجاهلين (٢) يكونان بمعنى واحد ؛ لأنّك تقول : جهلت الطريق وضللته. قال الفراء : إذا ضاع منك الشيء فقد أضللته.
وقوله : (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) [٢١] التوراة.
وقوله : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ) [٢٢] يقول : هى ـ لعمرى ـ نعمة إذ ربّيتنى ولم تستعبدنى كاستعبادك بنى إسرائيل. فأن تدلّ على ذلك. ومثله فى الكلام أن تترك أحد عبديك أن تضربه وتضرب الآخر ، فيقول المتروك هذه نعمة علىّ أن ضربت فلانا وتركتنى. ثم يحذف (وتركتنى) والمعنى قائم معروف. والعرب تقول : عبّدت العبيد وأعبدتهم.
أنشدنى بعض العرب :
علام يعبدنى قومى وقد كثرت |
|
فيهم أبا عرما شاءوا وعبدان (٣) |
وقد تكون (أن) رفعا ونصبا. أمّا الرفع فعلى قولك وتلك نعمة تمنّها علىّ : تعبيدك بنى إسرائيل والنصب : تمنّها علىّ لتعبيدك بنى إسرائيل.
ويقول القائل : أين جواب قوله : (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) [٢٥] فيقال : إنه إنما أراد بقوله : (أَلا تَسْتَمِعُونَ) إلى قول موسى. فردّ موسى لأنه المراد بالجواب فقال : الذي أدعوكم إلى عبادته (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [٢٦] وكذلك قوله : (قال ربّ المشرق والمغرب) [٢٨] يقول : أدعوكم إلى عبادة ربّ المشرق والمغرب وما بينهما.
__________________
(١) كذا. وقد راعى الحكاية. ولو لا هذا لقال : «الضالون والجاهلون»
(٢) كذا. وقد راعى الحكاية. ولو لا هذا لقال : «الضالون والجاهلون»
(٣) نسب فى اللسان (عبد) إلى الفرزدق.