وقوله : (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) [٣١] ممّا ردّ من يفعل على فعل. ولو نصبتها فقلت (١) : فتخطفه الطير كان وجها. والعرب قد تجيب بكأنّما. وذلك أنها فى مذهب يخيّل إلىّ وأظنّ فكأنها مردودة على تأويل (أنّ) ألا ترى أنك تقول : يخيّل إلىّ أن تذهب فأذهب معك. وإن شئت جعلت فى (كأنما) تأويل جحد ؛ كأنك قلت : كأنك عربىّ فتكرم ، والتأويل : لست بعربىّ فتكرم :
وقوله : (فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [٣٢] يريد : فإن الفعلة ؛ كما قال (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٢)) ومن بعده جائز. ولو قيل : فإنه من تقوى القلوب كان جائزا.
وقوله : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [٣٣] يعنى البدن. يقول : لكم أن تنتفعوا بألبانها وركوبها إلى أن تسمّى (٣) أو تشعر (٤) فذلك الأجل المسمّي.
وقوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ما كان من هدى للعمرة أو للنذر (٥) فإذا بلغ البيت نحر. وما كان للحجّ نحر بمنى. جعل ذلك بمنى لتطهر مكّة.
وقوله : (الْعَتِيقِ) أعتق من الجبابرة. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدّثنى حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عبّاس قال : العتيق : أعتق من الجبابرة. ويقال : من الغرق زمن نوح.
وقوله : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) [٣٥] خفضت (الصَّلاةِ) لمّا حذفت النون وهى فى قراءة عبد الله (والمقيمين الصلاة) ولو نصبت (الصلاة) وقد حذفت النون كان (٦) صوابا. أنشدنى بعضهم :
__________________
(١) فى الطبري أن هذه قراءة أبى عمرو.
(٢) الآية ١٥٣ سورة الأعراف.
(٣) أي تعين للهدى.
(٤) أي يحز سنامها حتى يسيل منه الدم فيعلم أنها شعيرة.
(٥) ش : «لنذر».
(٦) ا : «لكان».