(سَواءً مَحْياهُمْ (١) وَمَماتُهُمْ) فقد نصبها الأعمش وحده ، ورفعها سائر القراء. فمن نصب (٢) أوقع عليه (جَعَلْناهُ) ومن رفع جعل الفعل واقعا على الهاء واللام التي فى الناس ، ثم استأنف فقال : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) ومن شأن العرب أن يستأنفوا بسواء إذا جاءت بعد حرف قد تمّ به الكلام فيقولون : مررت برجل سواء عنده الخير والشرّ. والخفض جائز. وإنما اختاروا الرفع لأن (سَواءً) فى مذهب واحد ، كأنك قلت : مررت على رجل واحد عنده الخير والشرّ. ومن خفض أراد : معتدل عنده الخير الشرّ. ولا يقولون : مررت على رجل معتدل عنده الخير والشر لأنّ (معتدل) فعل مصرّح ، وسواء فى مذهب مصدر. فإخراجهم (٣) إيّاه إلى الفعل كإخراجهم مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل.
وقوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) دخلت الباء فى (إلحاد) لأن تأويله : ومن يرد بأن يلحد فيه بظلم. ودخول الباء فى (أن) أسهل منه فى الإلحاد وما أشبهه ؛ لأن (أن) تضمر الخوافض معها كثيرا ، وتكون كالشرط فاحتملت دخول الخافض وخروجه ؛ لأن الإعراب لا يتبيّن فيها ، وقلّ فى المصادر ؛ لتبيّن الرفع والخفض فيها (٤). أنشدنى أبو الجرّاح :
فلمّا رجت بالشّرب هزلها العصا |
|
شحيح له عند الإزاء نهيم (٥) |
(قال الفراء (٦) : نهيم من الصّوت). وقال امرؤ القيس :
ألا هل أتاها والحوادث جمّة |
|
بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا (٧) |
__________________
(١) الآية ٢١ سورة الجاثية.
(٢) أي سواء هنا ، وقد علمت أنه حفص.
(٣) ا : «وإخراجهم».
(٤) سقط فى ا.
(٥) الإزاء : مصب الحوض. والنهيم : صوت توعد وزجر.
(٦) سقط فى ا.
(٧) بيقر : هاجر من أرض إلى أرض ، وبيقر : خرج إلى حيث لا بدري ، وبيقر : نزل الحضر وأقام هناك وترك قومه بالبادية وخص بعضهم به العراق وكلام امرئ القيس يحتمل جميع ذلك كما فى اللسان.