وقوله : (وَكَذلِكَ نُنْجِي (١) الْمُؤْمِنِينَ) [٨٨] القراء يقرءونها بنونين ، وكتابها بنون واحدة. وذلك أن النون الأولى متحركة والثانية ساكنة ، فلا تظهر السّاكنة على اللسان ، فلمّا خفيت حذفت.
وقد قرأ عاصم (٢) ـ فيما أعلم ـ (نجّى) بنون واحدة ونصب (المؤمنين) كأنه احتمل اللحن ولا نعلم (٣) لها جهة إلّا تلك ؛ لأن ما لم يسمّ فاعله إذا خلا باسم رفعه ، إلا أن يكون (٤) أضمر المصدر فى نجّى فنوى به الرفع ونصب (المؤمنين) فيكون كقولك : ضرب الضرب زيدا ، ثم تكنى عن الضرب فتقول : ضرب زيدا. وكذلك نجّى النجاء المؤمنين.
وقوله : (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) [٩٠] يقول : كانت عقيما فجعلناها تلد فذلك صلاحها.
وقوله : (أَحْصَنَتْ فَرْجَها) [٩١] ذكر المفسّرون أنه جيب درعها (٥) ومنه نفخ فيها.
وقوله : (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً) (ولم يقل آيتين) لأن شأنهما واحد. ولو قيل : آيتين لكان صوابا لأنها ولدت وهى بكر ، وتكلّم عيسى فى المهد ؛ فتكون آيتين إذ اختلفتا.
وقوله : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) [٩٢] تنصب (أُمَّةً واحِدَةً) على القطع (٦). وقد رفع الحسن (أمتكم أمة واحدة) على أن يجعل الأمة خبرا ثم يكرّ على الأمة الواحدة بالرفع على نيّة الخبر أيضا ؛ كقوله : (كَلَّا إِنَّها (٧) لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى).
__________________
(١) رسمت فى المصحف بنون واحدة (نجى) ، كما ذكر المؤلف
(٢) هى رواية أبى بكر عنه أما رواية حفص عنه فتنجى بنونين وقد قرأ أيضا بنون واحدة ابن عامر
(٣) ا : «نعرف»
(٤) لم يرتض هذا الوجه ابن جنى وخرج القراءة على أن أصلها : ننحى بنون مضمومة فنون مفتوحة من التنجية ثم حذفت النون الثانية إذ لو كان ماضيا كما يقدر الفراء لا نقحت اللام. وانظر الخصائص ١ / ٣٩٨
(٥) درع المرأة : قميصها
(٦) ا : فقيل : آية»
(٧) الآيتان ١٥ ، ١٦ سورة المعارج وقراءة رفع (نزاعة) لغير حفص فعنده النصب