والحقّ فى هذا الموضع يراد به الله. ولو أريد به قول الحقّ فيضاف القول إلى الحقّ ومعناه القول الحق كان صوابا كما قيل : (إِنَ (١) هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) فيضاف الشيء إلى مثله ومثله قول الله (وَعْدَ الصِّدْقِ (٢) الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) ومعناه الوعد الصدق. وكذلك (وَلَدارُ (٣) الْآخِرَةِ خَيْرٌ) إنما هو : والدار الآخرة.
وقد قرأت القراء بالنصب (٤) (قَوْلَ الْحَقِّ) وهو كثير يريدون به : حقّا. وإن نصبت القول وهو فى النيّة من نعت عيسى كان صوابا ، كأنك قلت : هذا عبد الله أخاه بعينه. والعرب تنصب (٥) الاسم المعرفة فى هذا وذلك وأخواتهما. فيقولون : هذا عبد الله الأسد عاديا (٦) كما يقولون : أسدا عاديا.
وقوله : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) [٣٥] (أن) فى موضع رفع.
وقوله : (وَإِنَّ اللهَ) [٣٦] تقرأ (وأنّ (٧) الله) فمن فتح أراد : ذلك أنّ الله ربّى وربكم. وتكون رفعا وتكون (فى تأويل (٨)) خفض على : ولأن الله كما قال (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ (٩) مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) ولو فتحت (أنّ) على قوله (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ). (وأن الله) كان وجها. وفى قراءة أبىّ (إن الله ربّى وربّكم) بغير واو فهذا دليل على أنها مكسورة.
وقوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) [٤١] اقصص قصّة إبراهيم : اتل عليهم. وكذلك قوله فيمن ذكر من الأنبياء (أي) (١٠) اقصص عليهم قصصهم.
__________________
(١) الآية ٩٥ سورة الواقعة.
(٢) الآية ١٦ سورة الأحقاف.
(٣) الآية ١٠٩ سورة يوسف.
(٤) النصب قراءة ابن عامر وعاصم ويعقوب وافقهم الحسن والشنبوذى والباقون قرءوا بالرفع.
(٥) هذا النصب عند الكوفيين على التقريب ، وهو عندهم من العوامل. وانظر ص ١٢ من الجزء الأول.
(٦) ا : «غاديا».
(٧) الفتح لنافع وابن كثير وأبى عمرو وأبى جعفر ورويس وافقهم ابن محيصن واليزيدي. والكسر للباقين.
(٨) ا : «بتأويل».
(٩) الآية ١٣١ سورة الأنعام.
(١٠) سقط فى ا.