أنك تقول فى الكلام : بسم الله المجريها والمرساها. فإذا نزعت منه الألف واللام نصبته (١). ويدلّك على نكرته قوله : (هذا (٢) عارِضٌ مُمْطِرُنا) وقوله : (فَلَمَّا رَأَوْهُ (٣) عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) فأضافوه إلى معرفة ، وجعلوه نعتا لنكرة. وقال الشاعر (٤) :
يا ربّ عابطنا لو كان يأملكم |
|
لا قى مباعدة منكم وحرمانا |
وقال الآخر :
ويا رب هاجى منقر يبتغى به |
|
ليكرم لمّا أعوزته المكارم |
وسمع الكسائىّ أعرابيّا يقول بعد الفطر : ربّ صائمه لن يصومه وقائمه لن يقومه.
وقوله : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) [٤٣] (قالَ) نوح عليهالسلام (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) فمن فى موضع نصب ؛ لأن المعصوم خلاف للعاصم والمرحوم معصوم. فكأنه نصبه بمنزلة قوله (ما لَهُمْ بِهِ (٥) مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) ومن استجاز رفع الاتباع أو الرفع فى قوله :
وبلد ليس به (٦) أنيس |
|
إلّا اليعافير وإلّا العيس |
لم يجزله الرفع فى (من) لأن الذي قال : (إلّا اليعافير) جعل أنيس البرّ اليعافير والوحوش ، وكذلك قوله (إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) يقول : علمهم ظنّ وأنت لا يجوز لك فى وجه أن تقول : المعصوم عاصم. ولكن لو جعلت العاصم فى تأويل معصوم كأنك قلت : لا معصوم اليوم من أمر الله لجاز رفع (من) ولا تنكرنّ أن يخرج المفعول على فاعل ؛ ألا ترى قوله (مِنْ (٧) ماءٍ دافِقٍ) فمعناه والله أعلم : مدفوق
__________________
(١) على أنه سال.
(٢) الآية ٢٤ سورة الأحقاف.
(٣) الآية ٢٤ سورة الأحقاف.
(٤) هو جرير من قصيدة يهجو فيها الأخطل
(٥) الآية ١٥٧ سورة النساء.
(٦) فى ا : «بلد ليس بها» وبلد محرف عن بلدة كما هى رواية سيبويه ١ / ٣٦٥. واليعافير أولاد الظباء واحدها يعفور. والعيس بقر الوحش لبياضها.
(٧) الآية ٦ سورة الطارق.