وقوله (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) يقال : كيف جاز التّشديد وإنما النهر واحد؟ قلت : لأن النهر يمتدّ حتى صار التفجر كأنه فيه كلّه فالتخفيف فيه والتثقيل جائزان. ومثله (حَتَّى تَفْجُرَ) (١) (لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) يثقّل ويخفّف (٢).
(قوله : (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) [٣٤]) حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى المعلّي بن هلال الجعفىّ عن ابن أبى نجيح عن مجاهد قال : ما كان فى القرآن من ثمر بالضمّ (٣) فهو مال ، وما كان من ثمر مفتوح فهو من الثمار.
وقوله : (خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [٣٦] مردودة على الجنّة وفى بعض مصاحف (٤) أهل المدينة (منهما منقلبا) مردودة على الجنّتين.
وقوله : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [٣٨] معناه : لكن أنا هو الله ربّى ترك همزة الألف من أنا ، وكثر بها الكلام (٥) ، فأدغمت النون من (أنا) مع النون من (لكن) ومن العرب من يقول : أنا قلت ذاك بتمام الألف فقرئت لكنّا على تلك اللغة وأثبتوا الألف فى اللغتين فى المصحف : كما قالوا : رأيت يزيدا وقواريرا فثبتت (٦) فيهما الألف فى القولين (٧) إذا وقفت. ويجوز الوقوف بغير ألف فى غير القرآن فى أنا. ومن العرب من يقول إذا وقف : أنه وهى فى لغة جيّدة. وهى فى علياتميم وسفلى قيس وأنشدنى أبو ثروان :
وترميننى بالطّرف أي أنت مذنب |
|
وتقليننى لكنّ إيّاك لا أقلى |
يريد : لكن أنا إيّاك لا أقلى ، فترك الهمز فصار كالحرف الواحد. وزعم الكسائي
__________________
(١) الآية ٩٠ سورة الإسراء.
(٢) التخفيف لعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف وافقهم الحسن والأعمش ، والتثقيل للباقين.
(٣) قرأ بالفتح هنا ، وفى الآية الآتية «وأحيط بثمره» عاصم وأبو جعفر وروح ، وقرأ الباقون بالضم. وفى اللسان (ثمر) أن يونس لم يقبل هذه التفرقة فكأنهما عنده سواء.
(٤) هى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبى جعفر وافقهم ابن محيصن.
(٥) فى ا : فى «الكلام».
(٦) ا : «تثبت».
(٧) أي عند من يقول فى الوصل : «لكنا» بالألف وهم ابن عامر وأبو جعفر ورويس ، وعند من يقول فى الوصل : «لكنا» بدون ألف وهم الباقون.