يعنى الرسالة. وهى نعمة ورحمة. وقوله : (فعمّيت عليكم) قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة (١). وهى فى قراءة أبىّ (فعمّاها عليكم) وسمعت العرب تقول : قد عمّى علىّ الخبر وعمى علىّ بمعنى واحد. وهذا ممّا حوّلت العرب الفعل إليه وليس له ، وهو فى الأصل لغيره ؛ ألا ترى أن الرجل الذي يعمى عن الخبر أو يعمّى عنه ، ولكنّه فى جوازه مثل قول العرب : دخل الخاتم فى يدى والخفّ فى رجلى ، وأنت تعلم أن الرجل التي تدخل فى الخفّ والأصبع فى الخاتم. فاستخفّوا بذلك إذا (٢) كان المعنى معروفا لا يكون لذا فى حال ، ولذا فى حال ؛ إنما هو لواحد. فاستجازوا ذلك لهذا. وقرأه العامّة (فعميت) وقوله (أَنُلْزِمُكُمُوها) العرب تسكّن الميم التي من اللزوم فيقولون : أنلزمكموها. وذلك أن الحركات قد توالت فسكنت الميم لحركتها وحركتين بعدها وأنها مرفوعة ، فلو كانت منصوبة لم يستثقل فتخفّف. إنما يستثقلون كسرة بعدها ضمة أو ضمة بعدها كسرة أو كسرتين متواليتين أو ضمّتين متواليتين. فأمّا الضمّتان فقوله : (لا يَحْزُنُهُمُ) (٣) جزموا النون لأن قبلها ضمة فخفّفت كما قال (رسل) (٤) فأمّا الكسرتان فمثل قوله الإبل إذا خفّفت. وأمّا الضمّة والكسرة فمثل قول الشاعر :
وناع يخبّرنا بمهلك سيّد |
|
تقطّع (٥) من وجد عليه الأنامل |
وإن شئت تقطّع. وقوله فى الكسرتين :
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم (٦)
__________________
(١) وكذلك قرأها الكسائي وحفص عن عاصم.
(٢) ا : «إذ»
(٣) الآية ١٠٣ سورة الأنبياء.
(٤) ب : «وأما».
(٥) ضبط فى ا : «تقطع» بصيغة الماضي.
(٦) هذا رجز بعده :
بالدون أمثال السفين العوم
قال الأعلم : «والدو : الصحراء. وأراد بأمثال السفين رواحل محملة تقطع الصحراء قطع السفين البحر» وانظر سيبوية ٢ / ٢٩٧.