فلو كان على كلمة واحدة كان خطأ ؛ لأن المتعيّب من صلة القائل فأخّره ونوى كلامين فجاز ذلك.
وقال الآخر :
نبّئتهم عذّبوا بالنار جارتهم |
|
وهل يعذّب إلّا الله بالنار (١) |
ورأيت الكسائىّ يجعل (إلّا) مع الجحد والاستفهام بمنزلة غير فينصب ما أشبه هذا على كلمة واحدة ، واحتجّ بقول الشاعر (٢) :
فلم يدر إلّا الله ما هيّجت لنا |
|
أهلّة آناء الديار وشامها |
ولا حجّة له فى ذلك لأنّ (ما) فى موضع أىّ (٣) فلها فعل مضمر على كلامين. ولكنه حسن قوله ، يقول الله عزوجل (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٤) فقال : لا أجد المعنى إلّا لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا ، واحتجّ بقول الشاعر (٥) :
أبنى لبينى لستم بيد |
|
إلّا يد ليست لها عضد |
فقال لو كان المعنى إلّا كان الكلام فاسدا فى هذا ؛ لأنى لا أقدر فى هذا البيت على إعادة خافض بضمير وقد ذهب هاهنا مذهبا.
وقوله : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) [٤٧] جاء التفسير بأنه التنقّص. والعرب تقول : تحوّفته بالحاء : تنقّصته من حافاته. فهذا الذي سمعت. وقد أتى التفسير بالخاء و (هو (٦) معنى). ومثله ممّا قرىء
__________________
(١) «جارتهم» كذا فى ا ، ش. والمعروف فى الرواية : «جارهم».
(٢) هو ذو الرمة. والأنآء جمع نؤى ، وهو ما يحفر حولى البيت يمنع المطر ، والأهلة جمع هلال ، وهو هنا ما استقوس واعوج من الأنآء ، والشام جمع شامة وهى العلامة. وانظر الديوان ٦٣٦.
(٣) يريد أن (ما) استفهامية كأى الاستفهامية وليست موصولة فهى ليست معمولة للفعل السابق لأن الاستفهام له الصدر.
(٤) الآية ٢٢ سورة الأنبياء.
(٥) هو أوس بن حجر. وانظر الكتاب ١ / ٣٦٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٩٠ ، واللسان فى (عبد).
(٦) فى الطبري «هما بمعنى».