﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً﴾ وثوابا ﴿كَرِيماً﴾ مرضيا ، وهو الجنّة ونعمه الدائمة.
﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ
وَسِراجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً * وَلا تُطِعِ
الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٥) و (٤٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان لطفه بالمؤمنين ، وترغيبهم في الذّكر والعبادة ، بيّن لطفه بالنبيّ صلىاللهعليهوآله وحثّه على أداء وظيفة الرسالة ومداراته للناس بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ﴾ إلى الناس لتكون ﴿شاهِداً﴾ يوم القيامة على إيمانهم وطاعتهم ، وكفرهم وعصيانهم ﴿وَمُبَشِّراً﴾ لأهل الايمان والطاعة بالجنّة والنّعم الدائمة ﴿وَنَذِيراً﴾ لأهل الكفر والعصيان بالنار والعذاب الدائم ﴿وَداعِياً﴾ لعموم الناس ﴿إِلَى﴾ توحيد ﴿اللهِ﴾ ومعرفته وطاعته ﴿بِإِذْنِهِ﴾ وأمره وتيسيره ﴿وَسِراجاً مُنِيراً﴾ يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية ، ويهتدي بنوره إلى قرب الله ونعم الآخرة ، فراقب أحوال امّتك ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ منهم ﴿بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً﴾ وزيادة كثيرة على سائر الامم في الرّتبة والشرف ، أو على أجر أعمالهم ﴿وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ﴾ وذمّ على مخالفتهم وترك اتّباع آرائهم.
قيل : فيه مبالغة في الزّجر عن مداراتهم في أمر الدعوة ، واستعمال لين الجانب في التبليغ ، والمسامحة في الإنذار (١) .
﴿وَدَعْ أَذاهُمْ﴾ ولا تعتن بترّهاتهم في شأنك ، ولا تخف من إضرارهم ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾ وفوّض أمورك إليه ﴿وَكَفى بِاللهِ﴾ وحسبك خالق كلّ شيء من حيث كونه ﴿وَكِيلاً﴾ ومفوّضا إليه الامور ، ومعتمدا عليه ، فانّ من عرف كفاية الله له في كلّ أمر ، وتكفّله لمصالحه ، استراح قلبه ، واكتفى به في جميع اموره ، ولم يدبر معه.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ
فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان وظيفة النبيّ مع الله ، وهو التقوى وترك طاعة غيره ، واتّباع وحيه ، ووظيفته مع أزواجه ، وهي تخييرهنّ في البقاء معه وفراقه ، ووظيفته مع الناس ، وبيان وظيفة المؤمنين مع الله ، وهي إكثار ذكره ، بيّن وظيفتهم مع أزواجهم بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ﴾ النساء ﴿الْمُؤْمِناتِ﴾
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٧ : ١٠٨ ، تفسير الصافي ٧ : ١٩٩.