ومرّت قرون وبدأ عصر جديد يلوح في الأفق بعد أن بدأت ملامح صورة مشرقة تتكامل بظهور مفكرين سعوا في حوار الحضارات من خلال احترام الرأي والرأي الآخر وبدت معالم العمران الفكري بين مفكّري مختلف الحضارات ، إلاّ أنّه سرعان ما بدأت في الغرب مرحلة جديدة من الصراع الفكري بين الحضارات أسّس لها مفكّرون من أمثال صموئيل هينتنغتون وفوكوياما وغيرهم ممّن بنى صرح أفكاره على أرنولد توينبي في محاضراته (الصراع بين الحضارات) حيث إن توينبي ينظر إلى الصراع بين الحضارات هو صراع بين الأديان وأنّ هذه الحضارات إنّما تقوم على الدين كمعتقد رئيسي ومرجع أساسي في قيام الحضارة ولا زالت هذه الأفكار هي الحاكمة على منطق العقل ، ولا زالت الصورة مبهمة عمّا ينتظر العالم من بنات تلك الأفكار ، في حين نرى أنّ بوصلة مفكّري الأديان على العكس من ذلك حيث تشير إلى القيم المعنوية والتكامل الإنساني والأخلاقي ونبذ الصراعات وعدم إقصاء الآخر حيث تلتقي الكثير من الديانات في مثل هذه القيم المعنوية ، ففي الفكر الشيعي نرى ما يبعث على الأمل ويسعى جاهداً لرأب الصدع ، حيث نرى على رأس المؤسّسة الدينية الشيعية سماحة آية الله العظمى السيّد عليّ السيستاني (دام ظلّه) يحمل هم الشعوب في لملمة ما تبقّى من القيم ليقول كلمته : (نسعى جاهدين لأن يتقبّل أحدنا الرأي ، يتقبّله مكمّلاً ومسانداً وداعماً وشريكاً ، بعد أن أدرك المواطن أنّ العنصرية والفئوية والإقليمية والطائفية والتطرّف بأشكاله العدوانية لا تحقّق أيّ هدف لهذا الطرف أو ذاك).
وفي كلمة له ألقيت خلال افتتاح الملتقى الأوّل لعلماء السنّة والشيعة في العراق : (خطابنا هو الدعوة إلى الوحدة ، وكنت ولا أزال أقول : لا تقولوا إخواننا السنّة ، بل قولوا : أنفسنا أهل السنّة).