أن يكتب ما اتضح أنه يتفق اليوم مع المعارف العلمية الحديثة ..؟ ليس هناك أى مجال للشك ، فنص القرآن الذى نملك اليوم هو فعلا نفس النص الأول .. ليس هناك سبب خاص يدعو للاعتقاد بأن أحد سكان شبه الجزيرة العربية في هذا العصر ، استطاع أن يملك ثقافة علمية تسبق بحوالى عشرة قرون ثقافاتنا العلمية.
«.... فيما يتعلق بالأمور التى يمكن أن تخضع للملاحظة مثل تطور الجنين البشرى يمكن تماما مقابلة مختلف المراحل الموصوفة في القرآن مع معطيات علم الأجنة الحديثة لنكشف اتفاق الآيات القرآنية التام مع العلم» (١).
تعقيب :
رأينا خلال هذا الفصل أن القرآن الكريم معجزة نبينا الخالدة تعرض للطعن والتشكيك مما جعل علماء المسلمين يهبون منافحين عنه ومن ثم تعرضوا لقضية الإعجاز بحثا علميا. ودار البحث حول وجوه إعجاز القرآن آثرت اثنين منها بالتفصيل :
«الإعجاز البلاغى ، والإعجاز بالأخبار بالغيوب»
أما وقد عجز العرب عن معارضة القرآن فقد قامت الحجة عليهم ، وإذا كان قد أعجز العرب أصحاب اللسان فهو لغيرهم أعجز.
والحقيقة أن الإعجاز هو هذه النواحى جميعا فهو في اللفظ العجيب والتركيب البلاغى البديع وهو في اخباره عن الغيوب وأنباء الأمم السابقة ... فلا نستطيع أن نقول بحصر الإعجاز في جانب واحد لأن القرآن معجزة النبى الخاتم إلى الناس كافة فى كل مكان وزمان لذا كان لا بد أن يتضمن هذه الوجوه المتعددة أو كما يقول الإمام ابن تيمية : كل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن هو حجة على إعجازه ولا يناقض ذلك بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له.
وحسبى ما وصفه به الحق تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء : ٨٢] أى هو شفاء للمؤمنين يزدادون به إيمانا ويستصلحون به دينهم ، فموقعه منهم موقع الشفاء من المرضى.
نعود بعد ذلك إلى بيان كيف أن هذا القرآن المعجز ، معجزة لمحمد «صلىاللهعليهوسلم».
مر بنا أن من شروط تصديق المدعى ـ عند جمهور العلماء ـ اقتران دعواه بالأمر
__________________
١ ـ موريس بوكاى : دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة ص ١٤٤ ـ ١٤٨ دار المعارف لبنان ١٩٧٧.