الهدف الدينى وراء نشأة الاستشراق حتى اليوم «فحين نسأل التاريخ عن حركة الاستشراق والتبشير كيف نشأت؟ يلقانا جوابه الصريح بأنها قامت أول ما قامت فى رعاية الكنيسة الكاثوليكية للإشراف المباشر من كبار أحبارها» (١).
أما عن المستشرقين اليهود ، فقد لاحظ بعض الباحثين ـ فيما يقول الدكتور محمد البهى ـ أنهم أقبلوا على الاستشراق لأسباب دينية : هى محاولة إضعاف الإسلام والتشكيك في قيمة بإثبات فضل اليهودية على الإسلام بادعاء أن اليهودية فى نظرهم هى مصدر الإسلام الأول ، والأسباب سياسية تتصل بخدمة الصهيونية : فكرة أولا ثم دولة ثانيا.
يقول الدكتور البهى : هذه وجهة نظر ربما لا تجد مرجعا مكتوبا يؤيدها غير أن الظروف العامة ، والظواهر المترادفة في كتابات هؤلاء المستشرقين تعزز وجهة النظر هذه ، وتخلع عليها بعض خصائص الاستنتاج العلمى (٢).
ويمكننا تلخيص غايات الهدف الدينى في نقاط :
١ ـ زعزعة إيمان المسلمين بقرآنهم ونبيهم «صلىاللهعليهوسلم».
٢ ـ تشكيك المسلمين في الشريعة الإسلامية وعجزها ـ فى زعمهم ـ عن مسايرة التطور ، فالدراسات الاستشراقية الحديثة تحاول «التركيز على أهمية القوانين الوضعية وتطبيقها على المسلمين بدلا من شريعة القرآن (٣).
٣ ـ حجب محاسن الإسلام عن العقل المسيحى حتى لا يقتنع به ثم يعتقده.
٤ ـ زرع تخاذل روحى وشعور بالنقص في نفوس المسلمين خاصة والشرقيين عامة.
وإذا كان الهدف الدينى لم يعد ظاهرا الآن في كتابات المستشرقين المعاصرين ، فليس معنى ذلك أنه قد اختفى تماما ، إنه لا يزال يعمل من وراء ستار (٤). لأنه من الصعب على المستشرقين وأكثرهم مسيحيون متدينون ، أن ينسوا أنهم يدرسون دينا ينكر عقيدة التثليث وعقيدة الصلب والفداء ، وهما أسس الدين المسيحى ، كما أنه
__________________
١ ـ د. عائشة عبد الرحمن : تراثنا بين ماض وحاضر ص ٥٢ معهد البحوث والدراسات العربية. القاهرة ١٩٦٨ م.
٢ ـ د. محمد البهى : المصدر السابق ص ٤٣١.
٣ ـ د. عدنان وزان : الاستشراق والمستشرقون ص ١٢٩ مطبعة رابطة العالم الإسلامى بمكة المكرمة ط ١٤٠٤ ه.
٤ ـ د. محمود حمدى زقزوق : الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضارى ص ٨٧ دار المنار. القاهرة ١٤٠٩ ه ١٩٨٩ م.