من هنا أجمع المسلمون على عصمتهم من الخطأ والزلل ، ونفوا عنهم الكذب والخيانة واتباع الباطل في الأقوال والأفعال ، وكل ما يشين.
والجمهور على أنهم معصومون قبل النبوة وبعدها واحتجوا بما نقل عن الرسول صلىاللهعليهوسلم «ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون به إلا مرتين من الدهر كلتاهما يعصمنى الله منها» (١). وبقول تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) ففي ذلك دليل على أن الله رعاهم منذ الصغر ، وجعلهم سبحانه من المصطفين الأخيار. كما في قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) [ص : ٤٧] فلا بد إذن أن يكونوا معصومين ومحفوظين قبل النبوة وبعدها (٢).
الأنبياء والمرسلون في التوراة والإنجيل :
لم يكتف اليهود بنسبة المعصية إلى الأنبياء وعدم الاعتقاد بعصمتهم ، بل إنهم جعلوا منهم قادة وروادا للفجور والدعارة وارتكاب أعظم الآثام والشرك والكفر بالله.
وكتب أهل الكتاب ـ المقدسة ـ ترمى بعض كبار الأنبياء بكبائر الفواحش المنافية لحسن الأسوة بل المجرئة على الشرور والفساد.
١ ـ نسبت التوراة إلى «لوط» ـ عليهالسلام ـ شرب الخمر حتى سكر ، ثم ضاجع ابنتيه فزنى بهما واحدة بعد أخرى (٣)
٢ ـ أما داود ـ عليهالسلام ـ فإنه تآمر على قائد جيشه فقتله ودخل بزوجته ، جاء فى سفر صموائيل :
كان داود يتمشى : «على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم. وكانت المرأة جميلة جدا فأرسل داود وسأل عن المرأة .. فقال واحد : امرأة أوريا. فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهى مطهرة من طمسها ثم رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأة من داود. فكتب داود مكتوبا يقول فيه : اجعلوا أوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت» (٤) هذا بعض ما نسبه اليهود إلى نبى الله داود الذى قال فيه الله تعالى في قرآنه الكريم : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٤٤] وقال عنه : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ
__________________
١ ـ ابن كثير : السيرة النبوية ط ج ١ ص ٢٥٢
٢ ـ انظر : عصمة الأنبياء بين : اليهودية والمسيحية والإسلام للمؤلف.
٣ ـ سفر التكوين ١٩ : ٣٠
٤ ـ سفر صموائيل الثانى ١١ : ١٠٠