بن عمرو بن نفيل في الجاهلية يطلب الدين وورقة بن نوفل ، فلقيا اليهود ، فعرضت عليهما يهود دينهم فتهود ورقة ، ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهم دينهم ، فترك ورقة اليهودية وتنصر ، وأبى زيد بن عمرو بن نوفل أن يأتى شيئا من ذلك. وقال : ما هو إلا كدين قومنا ، تشركون ويشركون ، ولكنكم عندكم من الله ذكر ، ولا ذكر عندهم ، فقال له راهب : إنك لتطلب دينا ما هو على الأرض اليوم ، فقال : وما هو؟ قال : دين إبراهيم كان يعبد الله ولا يشرك به شيئا (١).
ما سقنا هذا النص إلا لدلالته على فساد ما كان عليه اليهود والنصارى اللهم إلا بقية من الفطرة السليمة ، فضلا عن بشارة الراهب بنبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم».
ولنقف قليلا عند قوله «ولا شك أن خديجة قد وقعت تحت تأثيره ـ أى تأثير ورقة المسيحى ـ ويمكن أن يكون محمد قد أخذ شيئا من حماسه وآرائه».
فى هذا الكلام نشم رائحة التآمر بين خديجة ـ أم المؤمنين ـ وابن عمها ورقة ـ وحاشاهما ـ ليوقعا بمحمد تحت سيطرة ورقة وهدف المستشرق أبعد من هذه التلميحات. إنه يريد أن يقول : إن محمدا نهل من العلوم النصرانية التى كانت عند ورقة. لذلك نجده يصرح بهذا ـ بعد ذلك ـ فيقول «ويبدو أن ورقة من بين الذين اتصل بهم محمد لسبب معرفته بكتب المسيحية المقدسة ، ولا شك أن المقطع القرآنى حين ردده محمد قد ذكره بما هو مدين به لورقة ... ولهذا فمن الأفضل الافتراض بأن محمدا كان قد عقد صلات مستمرة مع ورقة منذ وقت مبكر ، وتعلم أشياء كثيرة وقد تأثرت التعاليم الإسلامية اللاحقة كثيرا بأفكار ورقة. وهذا ما يعود بنا إلى طرح مشكلة العلاقة بين الوحى الذى نزل على محمد والوحى السابق له» (٢).
يريد «واط» أن يقول : إن النبى محمد «صلىاللهعليهوسلم» مدين بفكرة الوحى لورقة بن نوفل.
ما هى إذن حكاية ورقة وعلاقته بنبينا «صلىاللهعليهوسلم» ، كما جاءت في الكتب الصحاح؟
يروى إمام المحدثين البخارى عن السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ قصة بدء الوحى. إذ تقول : «أول ما بدئ به رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» من وحى الرؤيا الصالحة فى النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالى ذوات العدد قبل أن ينزع (٣) إلى
__________________
١ ـ تاريخ العرب في الجاهلية ص ٤٨٨ ، ٤٨٩.
٢ ـ محمد في مكة ص ٩٣.
٣ ـ ينزع : يرجع.