قد قرأ التوراة والإنجيل وعنهما نقل قرآنه.
غير أننا نلاحظ
أن المستشرق الأول ساق كلامه دون دليل تاريخى لا يقبل النقض ، فزعم أن محمدا هو
الذى كتب بيده صلح الحديبية.
وقصة صلح
الحديبية معروفة ومشهورة في الكتب الصحاح. التى تؤكد أن على بن أبى طالب هو الذى
كان يكتب. والجدل الذى دار بين رسول الله وبين رسول الكفار أشهر من أن ينكر.
أخرج الإمام
مسلم من حديث البراء بن عازب : «كتب على بن أبى طالب الصلح بين النبى «صلىاللهعليهوسلم» وبين المشركين يوم الحديبية ، فكتب : هذا ما صالح عليه
محمد رسول الله ، فقالوا : لا تكتب رسول الله ، فلو نعلم أنك رسول لم نقاتلك ، قال
النبى «صلىاللهعليهوسلم» لعلىّ : امحه. فقال : ما أنا بالذى أمحاه ، فمحاه
النبى بيده» .
وعند مسلم
رواية أخرى : «.. فأمر ـ أى الرسول «صلىاللهعليهوسلم» عليّا أن يمحاه ، فقال على لا والله لا أمحاه ، فقال
رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» : أرنى مكانها ، فأراه مكانها ، فمحاه وكتب ـ أى على ـ
ابن عبد الله» .
ويستفاد من
رواية الإمام مسلم أن الرسول «صلىاللهعليهوسلم» لم يستدل على العبارة المطلوب محوها إلا بإرشاد علىّ.
وفي قول الرسول لعلىّ أى للكاتب : أرنى مكانها ، دلالة على أنه لا يعرف القراءة
ولا الكتابة فلجأ إلى الكاتب.
هذا عن الواقعة
التى أراد (ستوبرت) الاستشهاد بها ، ويبدو أنه لم يكلف نفسه مئونة الرجوع إلى
المصادر الإسلامية ، واكتفى بالتخمين ، أو يكون قد اطلع على كتب السنة الصحيحة إلا
أنه آثر التشويش.
أما القرآن
فإنه يؤكد حقيقة أمية رسول الله «صلىاللهعليهوسلم» : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا
مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ
الْمُبْطِلُونَ) وفي قوله تعالى : (الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً
عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [الأعراف : ١٥٧] وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ
فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ
مُبِينٍ) [الجمعة : ٢] فهل بعد ذلك يقال : إن محمدا كان يعرف القراءة والكتابة؟
لقد أجاب
القرآن بالنفى ، وبرهن بأمية الرسول الكريم على ربانية تعاليمه ، إنه لا يقرر فحسب
أنه أمى من شعب أمى ، أى غير متعلم وإنما يؤكد ، بصريح العبارة ، أنه
__________________