المبحث الأول
شبهتهم حول أمية الرسول «صلىاللهعليهوسلم».
أمية محمد «صلىاللهعليهوسلم» ثابتة تاريخيا ، وقد نقل إلينا بالتواتر ، أنه كان لا
يعرف الكتابة ولا القراءة ، قال الله جل وعلا : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا
مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ
الْمُبْطِلُونَ (٤٨)) [العنكبوت : ٤٨].
فلم يقرأ في
صحيفة ، ولم يكتب شيئا بيده منذ ولد إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى.
ذهب بعض
المستشرقين إلى تكذيب الحقائق التاريخية ، وإنكار التواتر كمصدر موثوق فيه من
مصادر المعرفة ، فادعى مستشرق يدعى (ستوبرت) أن محمدا لم يكن أميا ، فيقول : «...
ويغلب على ظنى أن محمدا لم يكن أميا ، لأن هناك بعض الآثار الإسلامية تدل بأنه كتب
صلح الحديبية بيده» .
أما «مونتجمرى
واط» فلأنه موضوعى ومنهجى ، ومحايد وقطع على نفسه عهدا ألا يقول شيئا يجرح به
مشاعر المسلمين ، فإنه حاور وناور حول أمية الرسول «صلىاللهعليهوسلم» ليصل إلى الهدف الذى أشار إليه مباشرة «سنوبرت» ألا
وهو إنكار أو التشكيك فى أمية الرسول.
ذهب «واط» يفسر
لنا المقصود ب (ما أنا بقارئ) إجابة على طلب جبريل : «اقرأ». يقول : «يجب تفسير
قول محمد «صلىاللهعليهوسلم» (ما أقرأ) فى رده على قول الملك (اقرأ) ب (لا أستطيع
القراءة) أو (التلاوة). يتضح لنا ذلك من وجود رواية تقول : ما أنا بقارئ وفي
التمييز عند ابن هشام : (ما أقرأ)؟ و (ما ذا أقرأ)؟ حيث التعبير الثانى لا يمكن أن
يعنى إلا (ما ذا أتلو) وهذا هو المعنى الطبيعى لقوله (ما أقرأ)؟.
«ثم يضيف (واط)
قوله : «ويبدو من المؤكد ، تقريبا ، أن المفسرين التقليديين اللاحقين تجنبوا
المعنى الطبيعى ـ الذى اكتشفه هو ـ لهذه الكلمات ليجدوا أساسا للعقيدة التى تريد
أن محمدا لم يكن يعرف الكتابة ، وهذا عنصر رئيسى للتدليل على طبيعة القرآن المعجزة»
.
واضح من كلام «ستوبرت»
و «واط» وحدة الهدف.
وهو نفى أوجه
إعجاز القرآن ، من ناحية أخرى إقامة الدليل على أن محمدا «صلىاللهعليهوسلم»
__________________