إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤) اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
____________________________________
ويأخذ منهنّ أجرا معلوما (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) قيل : إنّ هذا راجع إلى قوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ)(١) إن أردن تحصّنا. وقيل : «إن» بمعنى : «إذ» ، والمعنى : لا تكرهوهنّ على الزّنا إذ أردن التّعفّف عنه (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني : ما يؤخذ من أجورهنّ (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ) على الزّنا (فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ) لهنّ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) والوزر على المكره.
(٣٤) (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) يعني : القرآن (وَمَثَلاً) وخبرا وعبرة (مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا) مضوا (مِنْ قَبْلِكُمْ) يعني : ما ذكر من قصص القرون الماضية.
(٣٥) (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : بنوره وهداه يهتدي من في السموات والأرض ، ثمّ ضرب مثلا لذلك النّور الذي يقذفه في قلب المؤمن حتى يهتدي به فقال : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) وهي الكوّة غير النّافذة ، والمراد بها هاهنا الذي وسط القنديل كالكوّة يوضع فيها الذّبالة ، وهو قوله : (فِيها مِصْباحٌ) يعني : السّراج (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) لأنّ النّور في الزّجاج ، وضوء النّار أبين منه في كلّ شيء. (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ) لبياضه وصفائه (دُرِّيٌ) منسوب إلى أنّه كالدّرّ توقد (٢) أي : الزّجاجة ، والمعنى للمصباح ، ولكنه حذف المضاف ، من قرأ بالياء أراد : يوقد المصباح (مِنْ شَجَرَةٍ) أي : من زيت شجرة (مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ) ليست ممّا يطلع عليها الشّمس في وقت شروقها فقط (وَلا غَرْبِيَّةٍ)
__________________
(١) الآية ٣٢ من هذه السورة.
(٢) قرأ «توقد» أبو بكر وحمزة والكسائي وخلف ، وقرأ «يُوقَدُ» نافع وابن عامر وحفص. انظر : الإتحاف ص ٣٢٥.