وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (٥٨)
____________________________________
(٥٦) (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بالشّرك والمعاصي وسفك الدّماء (بَعْدَ) إصلاح الله إياها ببعث الرّسول (وَادْعُوهُ خَوْفاً) من عقابه (وَطَمَعاً) في ثوابه (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ) ثواب الله (قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) وهم الذين يطيعون الله فيما أمر.
(٥٧) وهو الذي يرسل الرياح نشرا (١) طيّبة ليّنة ، من النّشر وهو الرّائحة الطّيّبة. وقيل : متفرّقة في كلّ جانب ، بمعنى المنتشرة (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) قدّام مطره (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ) أي : حملت هذه الرّياح (سَحاباً ثِقالاً) بما فيها من الماء سقنا السّحاب (لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) إلى مكان ليس فيه نبات (فَأَنْزَلْنا بِهِ) بذلك البلد (الْماءَ فَأَخْرَجْنا) بذلك الماء (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى) أي : نحيي الموتى مثل ذلك الإحياء الذي وصفناه في البلد الميت (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) لعلّكم بما بيّنا تتّعظون ، فتستدلّون على توحيد الله وقدرته على البعث ، ثمّ ضرب مثلا للمؤمن والكافر فقال :
(٥٨) (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ) يعني : العذب التّراب (يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) وهذا مثل المؤمن يسمع القرآن فينتفع به ، ويحسن أثره عليه (وَالَّذِي خَبُثَ) ترابه وأصله (لا يَخْرُجُ) نباته (إِلَّا نَكِداً) عسرا مبطئا ، وهو مثل الكافر يسمع القرآن ، ولا يؤثّر فيه أثرا محمودا ، كالبلد الخبيث لا يؤثّر فيه المطر (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) نبيّنها (لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) نعم الله ويطيعونه.
__________________
(١) قرأ «نشرا» ابن عامر الدمشقي. الإتحاف ص ٢٢٦.