إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)
____________________________________
يؤمن بك بعضهم دون بعض ، وأنّهم لا يجتمعون على الهدى ، وغلّظ الجواب زجرا لهم عن هذه الحال.
(٣٦) (إِنَّما يَسْتَجِيبُ) أي : يجيبك إلى الإيمان (الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) وهم المؤمنون الذين يستمعون الذّكر ، فيقبلونه وينتفعون به ، والكافر الذي ختم الله على سمعه كيف يصغي إلى الحقّ!؟ (وَالْمَوْتى) يعني : كفّار مكة (يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) يردّون فيجازيهم بأعمالهم.
(٣٧) (وَقالُوا) يعني : رؤساء قريش (لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) يعنون : نزول ملك يشهد له بالنّبوّة (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما عليهم في ذلك من البلاء ، وهو ما ذكرنا في قوله : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ)(١).
(٣٨) (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) يعني : جميع الحيوانات ؛ لأنّها لا تخلو من هاتين الحالتين (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) أصناف مصنّفة تعرف بأسمائها ، فكلّ جنس من البهائم أمّة ، كالطّير ، والظّباء ، والذّباب ، والأسود ، وكلّ صنف من الحيوان أمّة مثل بني آدم يعرفون بالإنس (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) ما تركنا في الكتاب من شيء بالعباد إليه حاجة إلّا وقد بيّناه ؛ إمّا نصّا ؛ وإمّا دلالة ؛ وإمّا مجملا ؛ وإمّا مفصّلا كقوله : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٢) أي : لكلّ شيء يحتاج إليه من أمر الدّين (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ) أي : هذه الأمم (يُحْشَرُونَ) للحساب والجزاء.
__________________
(١) الآية ٨ من هذه السورة.
(٢) سورة النحل : الآية ٨٩.