فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣) لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ
____________________________________
كما فعل طعمة حين رمى اليهوديّ بالسّرقة (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً) برمي البريء (وَإِثْماً مُبِيناً) باليمين الكاذبة والسّرقة.
(١١٣) (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ) بالنبوّة والعصمة (لَهَمَّتْ) لقد همّت (طائِفَةٌ مِنْهُمْ) من قوم طعمة (أَنْ يُضِلُّوكَ) أي : يخطّئوك في الحكم ، وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجادل عنهم ويقطع اليهوديّ (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) بتعاونهم على الإثم والعدوان وشهادتهم الزّور والبهتان (وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ) لأنّ الضّرر على من شهد بغير حقّ ، ثمّ منّ الله عليه فقال : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) أي : القضاء بالوحي ، وبيّن لك ما فيه الحكمة ، فلمّا بان أنّ السّارق طعمة تناجى قومه في شأنه ، فأنزل الله تعالى :
(١١٤) (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) أي : مسارّتهم (إِلَّا مَنْ أَمَرَ) أي : إلّا في نجوى من أمر (بِصَدَقَةٍ) وقال مجاهد : هذه الآية عامّة للناس. يريد : أنّه لا خير فيما يتناجى فيه النّاس ، ويخوضون فيه من الحديث إلّا ما كان من أعمال البرّ ، ثمّ بيّن أنّ ذلك إنّما ينفع من ابتغى به ما عند الله ، فقال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ...) الآية. ثمّ حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على طعمة بالقطع ، فخاف على نفسه الفضيحة ، فهرب إلى مكة ولحق بالمشركين ، فنزل قوله :
(١١٥) (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) أي : يخالفه. (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) الإيمان بالله ورسوله ، وذلك أنّه ظهر له من الآية ما فيه بلاغ بما أطلع الله سبحانه على أمره ، فعادى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعد وضوح الحجّة وقيام الدليل (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) غير