إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٤٣) قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
____________________________________
التي أنت عليها اليوم ، وهي الكعبة ، قبلة (إِلَّا لِنَعْلَمَ) لنرى [وقيل : معناه : لنميّز](١)(مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) في تصديقه بنسخ القبلة (مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) يرتدّ ويرجع إلى الكفر ، وذلك أنّ الله تعالى جعل نسخ القبلة عن الصّخرة إلى الكعبة ابتلاء لعباده المؤمنين ، فمن عصمه صدّق الرّسول في ذلك ، ومن لم يعصمه شكّ في دينه وتردّد عليه أمره ، وظنّ أنّ محمدا عليهالسلام في حيرة من أمره ، فارتدّ عن الإسلام ، وهذا معنى قوله : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) أي : وقد كانت التّولية إلى الكعبة لثقيلة إلّا (عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) عصمهم الله بالهداية ، فلمّا حوّلت القبلة قالت اليهود : فكيف بمن مات منكم وهو يصلّي على القبلة الأولى؟ لقد مات على الضّلالة ، فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) أي : [صلاتكم التي صلّيتم و](٢) تصديقكم بالقبلة الأولى (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ) يعني : بالمؤمنين (لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) والرّأفة أشدّ الرّحمة.
(١٤٤) (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ ...) الآية. كانت الكعبة أحبّ القبلتين إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورأى أنّ الصّلاة إليها أدعى لقومه إلى الإسلام ، فقال لجبريل عليهالسلام : وددت أنّ الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها ، فقال جبريل عليهالسلام : إنّما أنا عبد مثلك ، وأنت كريم على ربّك فسله ، ثمّ ارتفع جبريل عليهالسلام وجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يديم النّظر إلى السّماء رجاء أن يأتيه جبريل عليهالسلام بالذي سأل ، فأنزل الله تعالى (٣) : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) أي : في النّظر إلى السّماء (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) فلنصيّرنّك تستقبل (قِبْلَةً تَرْضاها) تحبّها وتهواها (فَوَلِّ وَجْهَكَ) أي : أقبل بوجهك (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) نحوه وتلقاءه
__________________
(١) زيادة من ظ.
(٢) زيادة من ظ.
(٣) الحديث ذكره المؤلف في أسباب النزول ص ٧٧ ؛ وفي الوسيط ١ / ٢١١. وأخرجه ابن جرير ـ