نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨)
____________________________________
أو بالإنساء لها بأن نمحوها عن القلوب (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) أي : أصلح لمن تعبّد بها ، وأنفع لهم وأسهل عليهم ، وأكثر لأجرهم (أَوْ مِثْلِها) في المنفعة والمثوبة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من النّسخ والتّبديل وغيرهما (قَدِيرٌ). نزلت (١) هذه الآية حين قال المشركون : إنّ محمدا يأمر أصحابه بأمر ، ثمّ ينهاهم عنه ، ويأمرهم بخلافه ، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا. ما هذا القرآن إلّا كلام محمد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقوله (٢) : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ ...) الآية.
(١٠٧) (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعمل فيهما ما يشاء ، وهو أعلم بوجه الصّلاح فيما يتعبّدهم به من ناسخ ومنسوخ (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) أي : وال يلي أمركم ويقوم به (وَلا نَصِيرٍ) ينصركم ، وفي هذا تحذير من عذابه إذ لا مانع منه.
(١٠٨) (أَمْ تُرِيدُونَ) أي : بل أتريدون (أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) محمدا صلىاللهعليهوسلم (كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) وذلك أنّ قريشا (٣) قالوا : يا محمّد ، اجعل لنا الصّفا ذهبا ، ووسّع لنا أرض مكّة ، فنهوا أن يقترحوا عليه الآيات كما اقترح قوم موسى عليهالسلام حين قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(٤) وذلك أنّ السّؤال بعد قيام البراهين كفر ، ولذلك قال : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) قصده ووسطه.
__________________
(١) أسباب النزول ص ٧٠.
(٢) الآية : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) سورة النحل : الآية ١٠١.
(٣) وهذا قول مجاهد في تفسيره ص ٨٥ ، وذكره المؤلف في أسباب النزول ص ٧٠ عن ابن عباس.
(٤) سورة النساء : الآية ١٥٣.