ولجثمانه كرامةٌ ، فقد حدّثني العالمُ العادلُ والثقةُ الورعُ السيّد محمّد بن أبي القاسم الكاشاني النجفىّ قال : «لمّا حضرتْ زوجتَه الوفاةُ أوصت أن تدفن إلى جنبه ، ولمّا حضرتُ دفنها ـ وكان ذلك بعد وفاة الشيخ بسبع سنين ـ نزلتُ في السرداب لأضع خدَّها على التراب حيث كانت من محارمي لبعض الأسباب ، فلمّا كشفتُ عن وجهها حانت منّي التفاتةً إلى جسد الشيخ زوجها ، فرأيتُه طريّاً كيوم دفن ، حتّى أنّ طولَ المدةِ لم يؤثر على كفنه ولم يمل لونه من البياض إلى الصفرة».
ترك شيخُنا آثاراً هامّةً قلّما رأت عينُ الزمن نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامةً له.
ونعود إلى حديثنا الأوّل فنقول : لو تأمّل إنسانٌ ما خلّفه النورىّ من الأسفار الجليلة والمؤلّفات الخطيرة التي تموج بمياه التحقيق والتدقيق وتوقّف على سعة في الإطلاع عجيبة ؛ لم يشكّ في أنّه مؤيّدٌ بروح القدس ؛ لأنّ أكثر هذه الآثار ممّا أفرغه في قالب التأليف بسامرّاء ، وهو يومذاك من أعاظم أصحاب السيّد المجدّد الشيرازي وقدمائهم وكبرائهم ؛ وكان يرجع إليه مهام أموره وعنه يصدر الرأي ، وكان من عيون تلامذته المعروفين في الآفاق.
فكانت مراسلات سائر البلاد بتوسّطه غالباً ، وأجوبة الرسائل تصدر عنه وبقلمه ، كان قضاء حوائج المهاجرين بسعيه أيضاً.
كما كان سفيرُ المجدّد ونائبه في التصدّي لسائر الأمور كزيارة العلماء والأشراف الواردين إلى سامرّاء استقبالهم ، وتوديع العائدين إلى أماكنهم ،